لا يخفى على علم المهتمين بالقطاع المكانة الريادية التي تلعبها الوكالات الحضرية في تنمية وتطوير مجالات تدخلها على كافة المستويات: اجتماعية كانت أو اقتصادية أو عمرانية، حيث أمست تضطلع بأدوار مهمة تجاوزت مهام التخطيط الحضري المتوازن والتأطير التقني للقطاع، إلى مهام المساهمة النشيطة في مسلسل التنمية والتطور وجلب الاستثمار، وكذا الرفع من تنافسية الجهات، وهذا كله راجع بالأساس إلى كفاءة الأطر ومستخدمي الوكالات الحضرية الذين لا يوفرون أي جهد للقيام بالمهام المنوطة بهم على أحسن وجه وبكل فعالية.
وفي هذا الشأن، فإن هذه الوزارة التي تعتبر ظروف عمل ومطالب هذه الفئة من الشغيلة من بين أولوياتها وانشغالاتها، قد عمدت إلى فتح أبواب الحوار أمام مختلف الفرقاء الاجتماعيين، من خلال تشكيل لجان تقنية وموضوعاتية مشتركة، أنيط بها دراسة كل المطالب المطروحة، وبلورة اقتراحات عملية بشأنها وذلك وعيا منها بأهمية الحوار الاجتماعي، وانطلاقا من قناعاتها الراسخة بكون الشركاء الاجتماعيين يشكلون قوة اقتراحية تعمل إلى جانبها للنهوض بأوضاع الموظفين ومستخدمي الوكالات الحضرية لتحسين ظروف اشتغالهم بما ينعكس إيجابا على مردوديتهم، وتحسين جودة الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات.
وبناء عليه، فقد ثم جرد كافة المطالب وترتيبها حسب الأهمية والأولويات ودرجة قابليتها للتنفيذ، ويتصدر هذه المطالب بطبيعة الحال أولوية صياغة نظام أساسي جديد محفز يستجيب لتطلعات مستخدمي الوكالات الحضرية، وكذا ضرورة إيجاد حل للتقاعد التكميلي لمستخدمي هذه الوكالات بالنظر إلى ضعف معاشات التقاعد المتعلقة بهم.
واستجابة للمطالب المعبر عنها، فقد قامت هذه الوزارة بتفعيل مجموعة من الإجراءات والحلول نوجز من أهمها:
تثمين الحريات النقابية عبر استصدار دورية بتاريخ 18 أبريل 2018، تحث على احترامها وتقديم التسهيلات للهيئات النقابية على صعيد الوزارة والمؤسسات التابعة لها؛
توحيد الرقم الاستدلالي لاحتساب الراتب الخاص ببعض النقط الاستدلالية، إضافة إلى توحيد وتحسين مسطرة توزيع منحة المردودية والكفاءة وتوضيحها؛
تكييف التعويض عن الإقامة أخذا بعين الاعتبار مقر التعيين؛
توحيد التعويض عن السكن مع الرفع من قيمته بالنسبة لبعض فئات المستخدمين؛
تفعيل وضعية الاستيداع بالنسبة لمستخدمي الوكالات الحضرية في إطار الترشح لمناصب المسؤولية؛
تفعيل ما هو معمول به في الوظيفة العمومية بالنسبة لمسطرة إعادة انتخاب اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء ورخص المرض ورخص الولادة والوضع رهن الإشارة…؛
اعتماد معايير موحدة بخصوص مسطرة الترشح لمناصب المسؤولية على مستوى الوكالات الحضرية، استنادا إلى مضامين المرسوم 2.11.681 في شأن كيفية التعيين رؤساء الأقسام والمصالح بالإدارات العمومية ومنشور السيد رئيس الحكومة رقم 7/2013 المتعلق بالتعيين في مناصب المسؤولية بالمؤسسات العمومية. وقد تمت المصادقة على التوصية المتعلقة بهذه المعايير من طرف مجالس إدارة الوكالات الحضرية.
الهدف من اعتماد هذه المعايير هو، من جهة، توحيد مساطير الترشح لمناصب المسؤولية على صعيد جميع الوكالات وتسهيل فتح باب الترشيح لها؛ ومن جهة أخرى، فتح المجال لمستخدمي الوكالات الحضرية لأجل الترقي وتطوير مسارهم المهني في إطار الشفافية والمنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص علما أن ما يفوق 200 منصب مسؤولية ظل شاغرا لسنوات.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الوزارة قد واكبت مختلف الإكراهات التي صاحبت تنزيل بعض مضامين النظام الأساسي، من قبيل التفسير الذي قام به الخازن المكلف بالأداء المعتمد لدى الوكالة الحضرية للحسيمة بشأن طريقة احتساب المنح السنوية، والذي كان سيتم تعميمه على باقي الوكالات. بحيث يقلص هذا التفسير بشكل ملحوظ المبلغ المخصص لهذه المنحة حسب ما كان معمول به في مجموعة من الوكالات.
وفي هذا الصدد، تمت صياغة مشروع تعديل للنظام الأساسي ثم التشاور بشأنه مع كافة الشركاء الاجتماعيين، بغية تدارك الخلل والحفاظ على المكتسبات السابقة، والرفع من قیمة المنحة. هذا التعديل يهدف بالأساس إلى تصحيح طريقة احتساب منحتي المردودية والكفاءة من خلال إدخال كافة العناصر المكونة للأجرة الشهرية في قاعدة احتسابهما، بالإضافة إلى توحيد مضامين مختلف الأنظمة الأساسية للوكالات الحضرية. كما مكن كذلك من تفادي تعميم الطريقة الجديدة لاحتساب المنحة على باقي الوكالات. مع العلم أن المنحة هي بطبيعتها تمييزية وليست قارة بالضرورة، ويجب أن تمنح حسب الاستحقاق والمردودية والعمل المنجز، ويبقى لمديري الوكالات الحضرية كافة الصلاحية لتوزيعها حسب هذه المبادئ.
وبهذه المناسبة، لا بد من التنويه بالدور المهم الذي تلعبه مصالح وزارة الاقتصاد والمالية عبر استجابتها لمجموعة من مقترحات هذه الوزارة، للإسهام في إيجاد الحلول الملائمة لكل الإشكاليات المطروحة على مستوى الوكالات الحضرية.
وعلى صعيد آخر، فإن الوزارة بصدد إعداد دراسة إعادة هيكلة الوكالات الحضرية من أجل الارتقاء بدورها وإعادة تموقعها على المستوى الجهوي كآليات متخصصة لمواكبة ورش الجهوية من خلال وضع تصور مندمج للتخطيط الترابي بمختلف مستوياته ودعم سياسة القرب والمساهمة في تنزيل برامج متجددة للتنمية المجالية المستدامة.
وفي الأخير ومما لا شك فيه، فإن هذه الوزارة لم ولن تدخر جهدا من أجل اتخاذ وتفعيل كل الإجراءات الرامية إلى النهوض بأوضاع العاملين بالوكالات الحضرية عموما، خاصة أنها قامت بصياغة مشروع نظام أساسي جديد لمستخدمي الوكالات الحضرية خلال سنة 2018، والذي تم توزيعه على جميع الفرقاء بهدف إغنائه وتحسينه في أفق عرضه على وزارة الاقتصاد والمالية من أجل دراسته. ويبقى هذا المشروع هو الحجر الأساس الذي يجب أن تتظافر الجهود حوله لأجل إخراجه إلى حيز الوجود.
كما أن الوزارة بصدد دراسة إمكانية تعميم التقاعد التكميلي الذي سيتم أخذه بعين الاعتبار في إطار مشروع مؤسسة الأعمال الاجتماعية التي لا يزال قانون تأسيسها في طور المصادقة بالغرفة الثانية للبرلمان.
وعلى ضوء ما سبق ذكره، وأمام حجم المجهودات المبذولة من قبل كل الأطراف المتدخلة، خاصة وزارة الاقتصاد والمالية، ولكون قنوات الحوار كانت ولا زالت متواصلة للعمل سويا من أجل مواصلة الاستجابة لمطالب أخرى، فإن الإضراب التي دعت له النقابة الوطنية للوكالات الحضرية المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب لا مبرر له، خاصة في ظل هذا المناخ المتسم بالتجاوب المتبادل والتعاون المثمر، مع الإشارة الى أن هذه الوزارة حريصة على تفعيل وتطبيق كل الإجراءات القانونية والتنظيمية ذات الصلة بهذا الشأن.
ความคิดเห็น