نظام الهواري بومدين، حافظ الأسد و معمر القذافي..وتاريخ العداء للمغرب.
بقلم الحسين * باحث في الجغرافيا السياسية. لا نقول فقط أن الجارة الشرقية هي الوحيدة التي يزعج نظامها ما حققه ويحقق المغرب منذ الإستقلال، فلم يسلم المغرب من عداء الأشقاء قبيل اندمال جراح الإستعمار في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، بل تزامنا مع تلك الفترة العصيبة تحالف الأشقاء الثلاث وتآمروا من أجل قلب النظام الملكي بالمغرب وقتها، خاصة أن كل من ” القذافي، بومدين و الأسد الأب ” خريجي المنظومة العسكرية في أنظمة تابعة للمعسكر الشرقي “إيديولوجيا “، وبالتالي كيف لنظام ملكي ضارب في التاريخ أن يستمر وسط موجة حكم العسكر وانقلاباتهم التي شهدتها كل من سوريا ،ليبيا والجزائر واستثنت المغرب؟.
حقائق كثيرة سنقف عند بعضها والدخول في ثناياها علنا ننفض الغبار عن الوجه المظلم لقدم الحقد الدفين الذي يكنه زعماء مرحلتهم للمغرب بعيدة إستقلال دول شمال إفريقيا ، وهو ما لم يتغير بعد عند نظام الجنرالات في قصر المرادية في القرن الواحد والعشرين ، بل ازداد ووصل حد إشهار ورقة للحرب ضد العدو في إشارة واضحة للمملكة المغربية .
نظام حافظ الأسد ..وسقوط الطائرات الحربية السورية في ساحة المعركة ..
اخترت البدء بسوريا وبعدها الانتقال لنظامي القذافي و بومدين في الجزء الثاني من هذه الحقائق التاريخية.
بالحديث عن سوريا حافظ الأسد و تواطئ نظامه في ملف قضيتنا الوطنية، فيمكن البدء من الدور الذي لعبته السفارات السورية في بعض البلدان الأوربية ،حيث حسب ما أورده Robert kaplan في كتابه “THE ARABISTS -the Romance of “an American Elite”و هو بالمناسبة عميل سابق بجهاز الاستخبارات الأمريكية …قلت أن السفارات السورية أخذت على عاتقها تكاليف التطبيب لقادة الانفصال وبعض المعارضين لنظام الحسن الثاني آنذاك، بالإضافة إلى تخصيص حافظ الأسد عبر سفارات بلاده منحا دراسية لهؤلاء مع تعبيد الطريق لهم للتسجيل بالمدارس والجامعات الروسية. وفي السياق نفسه، فنظام الأسد الأب وفر كل الإمكانيات المالية بمعية أقرانه دائما في ليبيا و الجزائر من أجل التعجيل بتأسيس دويلة جديدة على الأراضي المغربية عبر جبهة البوليزاريو التى احتضنها الثلاث كل من جهته. هذا ولم يقف ” حافظ الأسد ” عند هذا الحد حيث أنه وقبل توليه رئاسة الجمهورية السورية و يتقلد منصب الأمين العام القومي لحزب البعث العربي الاشتراكي، كان له ماضي دامي وهو ظابط في القوات الجوية و لم يسلم حتى أبناء شعبه من شروره بالموازات مع خلق البلبلة والتحريض على الانقلاب على نظام الحسن الثاني بالمغرب، فالرجل قاد الانقلاب سنة 1963 هو ورفاقه وبعد نجاح العملية ووصوله كرسي الحكم و أودع “الرئيس نور الدين الأتاسي” السجن و قام كذلك بتصفية رفاقه الأربعة الذين شكلوا وقتها “اللجنة العسكرية” بعد عودتهم لسوريا وانفصالهم عن مصر وهم “محمد عمران” ، عبد الكريم الجندي، أحمد المير وصلاح جديد”.
معمر القذافي والهواري بومدين ودعم النواة الأولى للإنفصال بالمال والسلاح والسعي لخلق دويلة في جنوب المغرب..
معلوم أن فترة حكم القذافي كانت الأغرب في أنظمة العالم بأسره، بطقوسه وبروتوكولاته اللافتة والمثيرة للاستغراب، وفي مساعيه للهيمنة على المنطقة العربية بتواطئ مع جزائر بومدين، سوريا الأسد الأب و مصر عبد الناصر ، أو في مواجهة الدول الغربية عن طريق تمويل العمليات الإرهابية بأوروبا، ودعمه بالمال والسلاح للجماعات المتطرفة والكتائب المسلحة، أو في مزاعمه إمتلاك أسلحة ” دمار شامل ” قبل تخليه عن هاته الأطروحة التى كلفته ونظامه الكثير من الويلات قبيل اجتياح العراق سنة 2003. وبالعودة إلى التاريخ دائما، بقيت أحداث العنف والإرهاب لصيقة بنظام معمر القذافي، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ” حادث الهجوم على الملهى الليلي بألمانيا سنة 1986 وبعده حادثة يوتا الفرنسية سنة 1989… – هذه الأحداث مع الغرب- . وفي شق العداء للمملكة المغربية سنقف عند أهم قضية تشغل بال كل المغاربة وهي سيادة الوحدة الترابية، إذ في هذه النقطة بالذات لم يحظر القذافي جهدا بإحتضان قيادات النواة الأولى للجبهة الانفصالية خاصة ” مصطفى الوالي السيد” الذي كان وقتها شابا في مقتبل العمر متشبعا بالفكر الثوري الشي الذي أثار القذافي وشجعه على استقباله وبعض مرافقيه، وبسط لهم يده ودفع لهم المال وشحن لهم السلاح على ظهور الجمال استعداد لضرب المغرب واستعمال نيران الحرب في الصحراء ،الأمر الذي لم يستسغه “بومدين ” ودخل في منافسة القذافي وجاهد لاحتواء قادة الجبهة وقتها بعد اتفاق ثلاثي مع “حافظ الأسد و معمر القذافي ” كل هذا انتقاما من نظام الملك الحسن الثاني. وسرعان ما خابت آمال الأشقاء خاصة بعد علم الحسن الثاني من طرف جهاز الاستخبارات الأمريكية CIA بنواياهم الخبيثة وسعيهم لتغذية الانفصال بالمال والسلاح، مقابل حصول الجزائر على منفذ يطل على المحيط الأطلسي، وإعلان ميلاد دويلة بين المغرب وموريتانيا جنوبا والجزائر شرقا.
الإعلامية و المحللة السياسية الجزائرية المختصة في الشأن الفرنسي فاطمة محمدي: تفضح المستور
شاءت الأقدار أن تضع الحرب أوزارها وانتصار الجيش المغربي رغم تحالف الأنظمة الثلاثة بعدها مباشرة أقدم الهواري بومدين في خطوة لا إنسانية وفي عز فرحة عيد الاضحى المبارك-أقدم- على طرد 350 ألف عائلة مغربية ورميها في الحدود مع مدينة وجدة بعد تجريدهم من كل ممتلكاتهم. وهنا زاد حجم العداء والغل الذي كان يحمله نظام بومدين ضد المغرب.
قلت بعد الهزيمة التي لحقت الجيش الجزائري غير المكتمل الأركان في أمكالة 1 و 2، الشي الذي بين مدى عدم جاهزية الجيش الجزائري وقتها من خلال عدم توفره على “جهاز الاستعلامات الحربية” و حتى عدم اكتمال مقومات وأركان “l’état-major” كما حكى جنرال العشرية السوداء “خالد نزار” وهو بالمناسبة من بين أبرز القادة الأربعة الذي كان شغلهم الشاغل ملف ” الصحراء” حيث كان ” نزار قائدا على ولاية تيندوف آنذاك، والشادلي كان قائدا في الجهة الثانية، بينما قاد الجهة الثالثة “السالم سعدي بمساعدة “عبد المالك كنازية” و”محمد صالح يحيوي” بمنطقة بشار. وكان هؤلاء هم من يجتمع مع الهواري بومدين دون غيرهم في كل صغيرة وكبيرة هن ملف الصحراء وتحريك جنود الخدمة الوطنية في تلك الفترة وبعثهم إلى روسيا من أجل التدريب على ” سام 6 ” الروسي الصنع بحكم إشرافهم المباشر على العمليات في النقاط الحدودية مع المغرب.
وبالعودة إلى خريج ” المدرسة الحربية بباريس” قائد العشرية السوداء العائد قبل أيام، فإن تقارير تتحدث عن بسط الطريق أمامه لما له من تجربة في إخماد الغضب الشعبي في الوسط الجزائري الذي يسأل ويتساءل ليل نهار: عن ماذا استفادت الأنظمة العسكرية المتعاقبة على الحكم في بلاد المليون شهيد من دعم البوليزاريو وصرف الملايير على دعاة الوهم في كل شئ وفي حربهم الإعلامية التي وصلوا اليوم إلى البيان رقم 52 ،حرب لا يعلم أحد أين تدور رحاها حتى الآن . “نزار عاد إلى الساحة ليعيد نفس مسلسل القتل والقمع الذي سيطال حراك ” الشعب الجزائري ” الذي أرغمته جائحة كورونا على التراجع قبل أن تسلب منه “تورته” بإحلال حكم القايد “صالح” قبل وفاته و تنصيب “عبد المجيد تبون” العائد مكسور القدم من ألمانيا بعد إعلان بيان رئاسة الجمهورية أن الاستشفاء خارج البلاد كان بعلة “فيروس كورونا”، لكن الفيروس تبين أنه طال قدم الرئيس عوض جهاز مناعته.
إعلام الجارة الشرقية الفريد من نوعه….
بشكل مقتضب ،لا يستوجب الوقوف كثيرا عند هاته النقطة بالذات -والسبب بسيط جدا- حيث أضحى إعلام النظام الجزائري الذي لا يحمل من المهنة إلا الإسم فقط، بعيدا كل البعد عن ما تقتضيه أخلاقيات تلك المهنة، والغريب في الأمر أن القنوات الفضائية الرسمية، الجرائد المعروفة، المواقع الإليكترونية و الصفحات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي كلهم يساهمون دون ذرة ضمير في الترويج لأكاذيب واهية ولحرب افتراضية أبطالها مليشيات البوليزاريو بتندوف ، ومخرجوها محسوبون على نظام الجنرالات في قصر المرادية للنيل من المغرب ودبلوماسيته التى حققت نجاحات كبيرة في مسلسل حلحلة النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية والذي عمر أكثر من أربعين سنة.
صفوت القول عن حقد الأشقاء الثلاث ..
في ظل كل تلك الفوضى الخلاقة التي بات “الزعماء” الثلاث أبطالا لها (القذافي، بومدين و حافظ الأسد) بهدف تقسيم المملكة المغربية، وقلب موازين النظام الملكي فيها، دخلت الاستخبارات الأمريكية على الخط ، مخافة استهداف أمن دول في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا، خاصة بعدما أكدت تقارير سرية أن وثيرة انتشار الأسلحة الروسية بين الجماعات المسلحة بالمنطقة بدعم من القذافي والذي له سوابق في استهداف عواصم أوربية وقتها أكثر من مرة (حادثة يوتا الفرنسية 1989/الهجوم على ملهى برلين 1986/ حادثة لوكوربي…). ضف إلى ما سبق، كشف نفس التقارير عن أن أموالا ضخمة سورية “من الأسد الأب “وليبية ” من العقيد معمر القذافي ” تصل “للهواري بومدين” لدعم قيادات البوليزاريو والتكفل بهم واستقبالهم وتسهيل تنقلاتهم بحوزات جزائرية خاصة عندما يتعلق الأمر بالسفر إلى بلاد ” شافيز و كاسترو…أو روسيا من أجل الاستشفاء أو التعليم كما أسلفت الذكر. تلك الدول خاصة ” بوليفيا، كوبا و فنزويلا ” يرسل إليه اليوم أطفال ونساء من مخيمات المتجزين بتندوف للتدريب على حمل السلاح في معسكرات خاصة هناك بأموال “سوناتراك” الجزائرية، في حين أبناء الشعب يعانون الأمرين في “حاسي مسعود، وصحراء خنشلة، تبسة، سوق أهراس، بلدية تيغرغار.. وغيرها من المناطق التي هي أولى بأموال الغاز والبترول الجزائري من قيادات وملشيات البوليزاريو وأبنائهم في فنادق بروكسيل و باريس ومدريد ..
*الحسين اولودي/ باحث في الجغرافيا السياسية .
إقرأ أيضا:
Komentáre