ملف الأسبوع: الشيعة في تمدد رهيب في الجزائر… المناطق الجزائرية المخترقة
في بلد ذي مذهب سني مالكي منذ قرون وأقلية إباضية، ما الذي دفع بالآلاف للتشيع خلال السنوات الأخيرة؟ يقدّرهم البعض بالآلاف ويقلّل البعض من أعدادهم ومن الظاهرة نفسها، مع الإجماع على وجودها وانتشارها أكثر فأكثر.
يتصاعد المد الشيعي بشكل لافت للنظر، في الجزائر وشمال إفريقيا عموما، في غياب تام لاستراتيجية المواجهة، في مقابل مشروع كامل متكامل من جانب دولة إيران في نقل التشيع إلى أقصى البقاع، ضمن خطة تصدير الثورة التي انطلقت بعد نجاح الثورة الخمينية. أصبحت الجزائر في مرمى التخوفات من انتشار المذهب الشيعي الاثني عشري المدعوم من إيران، فقد رصد مراقبون ورجال الأمن العديد من المدن التي ينشط فيها مروجو المذهب الشيعي بين الشباب الجزائري. تقدم هذه الورقة البحثية رؤية لحالة التشيع في الجزائر، فتقف في البداية على اللمحة التاريخية للشيعة في الجائز ثم بروز بعض التجماعت الشيعية في الوقت الحالية والتي كانت بدايتها مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة آية الله الموسي الخميني، ثم بروز النشاط الشيعي بعد الربيع العربي 2011، وموقف الحكومة الجزائرية من التشيع والحضور السياسي والمجتمع لشيعة الجزائر، بالإضافة إلى الدور الإيراني في نشر التشيع.
خريطة الوجود الشيعي في الجزائر:
إذا كان الحضور الشيعي في الجزائر محتشمًا، ويمكن ملاحظته في بعض الولايات والمدن مثل الجزائر العاصمة، باتنة، تبسة، خنشلة، تيارت، سيدي بلعباس. غير أن عددًا من المواقع الشيعية عبر شبكة الانترنت، من بينها موقع مركز الأبحاث العقائدية، وهو أكبر المواقع الشيعية، بالإضافة لـ “شبكة شيعة الجزائر” التي ترفع شعار “من المدرسة المصالية إلى المدرسة الخمينية”، تقول عبر تقارير نقلتها – هذه المواقع الإلكترونية – بأن المذهب الشيعي “يزداد انتشارا بشكل سرّي في قطاعات واسعة من المجتمع الجزائري، بعد أن نقله إليهم مدرسون وموظفون قدموا للعمل من العراق وسوريا ولبنان”. ويرى المشرف العام على “شبكة شيعة الجزائر” والذي يسمي نفسه “محمد العامري” (30 عاما) أن الاستبصار – التشيع – في الجزائر “مستمر بحمد الله والاستبصار أكثر من منتشر بل منفجر في كامل أرجاء التراب الجزائري متنقلا عبر كل الطبقات الاجتماعية فسابقا كان يدور بين الشبان والآن ببركة صاحب العصر والزمان (عليه السلام) دخلت بيوت بكاملها في التشيع وسمعت أن أكبر متشيع عمره 69 سنة”. و تقول بعض المصادر الجزائرية إن مدينة سيدي خالد التابعة لولاية بسكرة (جنوب الجزائر) تعتبر المركز الروحي لشيعة الجزائر…. إذ في هذه المدينة يوجد ضريح رجل يدعى خالد بن سنان العبسي، وتدعى بعض المصادر التاريخية غير المدققة أنه كان نبيا وضيعه قومه أهل الرس من أذربيجان، وكان وراء إطفاء نار الحرتين التي عبدها العرب المجوس وانتقلت إلى بلاد فارس…. ويذهب البعض بعيداً في تقديس النبي المجهول، إذ يؤمن هؤلاء بأنه بعث نبيا للبربر في منطقة تسمى (نارا) بمنطقة المنعة في باتنة بالشرق الجزائري. وبالرغم من أن الأحاديث الصحيحة نفت نبوته إلا أن قبره المزعوم اتخذ مزاراً من قبل شيعة الجزائر… إلا أن الضريح تسهر عليه قبيلة تسمى “أولاد خليفة” أو “أولاد نايل” ويعتقد هؤلاء أنهم “أشراف” وأن أصولهم تعود للإمام علي رضي الله عنه… وقد عرف هؤلاء بين القبائل يأخذ أموال الناس بالباطل وهو ما يعرف عند الشيعة بالخمس… ونقلت بعض المصادر أن الضريح يستخدم خفية لقضاء ليلة عاشوراء وممارسة الشعائر الشيعية. ولعدم تمكن شيعة الجزائر من الحج إلى الأماكن المقدسة الشيعية خارج الجزائر فهم يحجون إلى أي مكان فيه ذكر للآل البيت، حتى أن بعض المصادر تحدثت عن حجّهم لموضع بجبال مغرس بولاية سطيف (شرق الجزائر) يعتقدون أنه يحتوي على أثر قدم فرس علي رضي الله عنه. وذكر المهتم بقضايا التشيع في الجزائر الباحث نور الدين المالكي ما يقارب أزيد من 150 تجمعا سنويا للشيعة، في مختلف مناسباتهم الدينية، مؤكدا أن شهر محرم هو شهر ”المآتم” بالنسبة للشيعة، وهو الذي يكثر فيه تجمع هؤلاء المتشيعين الجدد منهم والقدامى. وأوضح المالكي أن أحد معاقل الشيعة في الجزائر في مدينة تبسة أقصى الشرق الجزائري، وبالتحديد بدائرة الشريعة، وذلك بحكم المنطقة حدودية مع تونس، حيث يتم تهريب أعداد كبيرة من كتب الشيعة ولنشر المذهب، مؤكدا أن هناك أستاذين في الفلسفة من بين أبرز المتشيعين، بالإضافة لمدينة باتنة، ونشاط ضعيف في مدينة سطيف، حيث يوجد مهندس معماري يوزع كتب ومطويات، بالإضافة لكل من مدينة عنابة بالتحديد في الحجار، وبرج بوعريريج، والبويرة. أما في العاصمة فيتواجدون في بئر خادم، والحراش، مناخ فرنسا. كما أشار إلى أن ولايات الغرب الجزائري هي الأكثر عرضة للمد الشيعي وبالأخص ولايات وهران، مستغانم، بلعباس، عين تموشنت، معسكر وتيار. وفي أكتوبر 2013، قال الناطق الرسمي باسم جبهة الصحوة الحرة السلفية غير المعترف بها في الجزائر عبد الفتاح حمداش، إن عدد الشيعة في الجزائر لا يتجاوز الـ3 آلاف على عكس ما تروجه بعض المصادر ومواقع الأنترنت التابعة لهم، والتي تقول إن عددهم بات يناهز الآن الـ80 ألفا، مستدركا “لكن رغم ذلك فإنهم يبقون خطرا حقيقيا لأن منهجهم يقوم على معاداة أهل السنة وقتلهم وسبّ الصحابة”. منن جهتها أكدت وكالة أنباء “براثا” العراقية الشيعية (تتبع رجل الدين جلال الدين الصغير)، أن “آلاف الجزائريين تشيّعوا بفعل أنشطة جمعيات رسمية، وأخرى تنشط في سرية”.وذكر تقرير للوكالة، نقلاً عمّا وصفته بمصادرها الخاصة في الجزائر، أن “التشيع ينتشر بسرعة كبيرة في عدد من المدن الجزائرية الكبرى، كالعاصمة، ووهران، وسطيف، وباتنة”. وأن “الأنشطة الثقافية وخطاب المقاومة من أسباب تحول الجزائريين إلى المذهب الشيعي”. وبحسب التقرير، ترعى جمعيات وتنظيمات أهلية وثقافية هذا التبادل، وبعضها تمت تسوية وضعه القانوني، والآخر يعمل دون اعتراف رسمي، وأمام أعين السلطات. وتقدّر إحصائيات مختلفة عدد شيعة الجزائر بـ 75 ألف شيعي غير أن مختصّين في الشأن الإيراني من بينهم المحلّل السياسي الجزائري يحيى بوزيدي يؤكّدون أن هذا الرقم كبير جدّا، ولا يمكن التسليم به، خاصّة عندما يصدر من متشيّعين، والأرقام المعقولة تشير إلى أن أعدادهم تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة آلاف متشيّع ويرى بعض السياسيين والمسئولين الجزائريين أنهم أفراد متناثرون لا يشكلون أيّ خطر على الوحدة الوطنية، غير أن عددا من المواقع الشيعية عبر شبكة الانترنيت، من بينها موقع مركز الأبحاث العقائدية، وهو أكبر المواقع الشيعية، بالإضافة لـ “شبكة شيعة الجزائر” التي ترفع شعار “من المدرسة المصالية إلى المدرسة الخمينية”، تقول في تقاريرها إن المذهب الشيعي “يزداد انتشارا بشكل سرّي في قطاعات واسعة من المجتمع الجزائري، بعد أن نقله إليهم مدرسون وموظفون قدموا للعمل من العراق وسوريا ولبنان”. والتشيع في الجزائر، بعدما كان مستترا بدأ في الظهور العلني، كما وقف عليه البعض من خلال عدة شواهد، سواء فيديوهات أو حتى “كتابات حائطية”، إحداها تم تسجيله في ولاية خنشلة شرق البلاد. ورصدت وسائل الإعلام الجزائرية الظاهرة، وقالت إن الأمن الجزائري فتح تحقيقا في منشورات تدعو للتشيع، خصوصا في ولايتي غرداية وبسكرة جنوب البلاد، بحسب جريدة “الشروق”. أما في تلمسان غرب الجزائر، فأفادت جريدة “الخبر” أن القضاء نظر شهر، في قضية تهديد شرطي، يعتقد أنه اشتغل على تحقيق يخص ملف التشيّع. وذكرعن أحد المتشيعين السابقين أنه كانت تتواجد بولاية تبسة 15عائلة مطلع 2004 من معتنقي المذهب الشيعي، ليصل عددهم الآن إلى 800 عائلة، ومعنى هذا أنهم قرابة 2000 في هذه الولاية (العائلة مكونة من فردين إلى ثلاثة) في وقت أنهم كانوا خلال الثمانينيات والتسعينيات، يعدون على أصابع اليد، وأنهم الآن يقومون بطقوسهم الحسينية بطريقة عادية، بعيدا عن المساجد، وفي الخفاء بالمنازل والقاعات، خاصة ما يتعلق بالحسينيات التي تتزامن مع العشر الأوائل من شهر محرم. وفي هذا السياق، نشر مركز الأبحاث العقائدية الشيعي، عبر موقعه الإلكتروني ضمن ركن “المستبصرون”، عدد من المداخلات لجزائريين اعتنقوا هذا المذهب، يتحدثون عما يسمونه بـ”القمع” و”المضايقات”، ويطالبون القائمين على هذا المركز بدعمهم بالكتب والمرجعيات الشيعية الدينية، وكانت أبرز المداخلات لأحد الشباب من ولاية شرقية الذي تشيع سنة 2014، كتب يقول: “اللهم صل على محمد وآل محمد، الشيعة هو المنهج الحق، ليتني تعلمته في المدرسة في صغري، ضاعت مني سنون وأنا في الظلمات، الحمد لله على التوفيق”. ويعد المتشيع هاني إدريس، أبرز المتشيعين الجزائريين في البلاد، والذي كان له علاقات وطيدة مع مهندس شيعي من ولاية وهران، ومع شيخ شيعي في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية. وهناك الصادق سلايمية، وكان ينشط في حركة الإصلاح الوطني التي كان يترأسها عبد الله جاب الله، بالإضافة إلى جمال بن عبد السلام وهو رئيس حزب سياسي حاليا، والذي كان في وفد زيارة الأسد المخترق من طرف المتشيعين، وهناك عدة فلاحي المستشار الإعلامي السابق لوزير الشئون الدينية والمدافع بشكل ما عن المتشيعين، ومحمد العامري، وهو المشرف على شبكة (شيعة الجزائر) الإلكترونية.
الجزائر تخرج أخيرا عن صمتها و تقر بوجود المد الشيعي في البلاد
اعترف وزير الشؤون الدينية و الأوقاف الجزائري، محمد عيسى، بشكل رسمي بالوجود الشيعي في الجزائر ، و أكد في لقاء مع الإذاعة الجزائرية الرسمية أن “التشيع في الجزائر ليس أمرا سريا، و الجزائر تعرف كيف تتعامل مع الشيعة في حال تجاوزهم للحدود، و لن تقبل أن تكون طرفا في السجال الوهابي الشيعي أو ميدانا له”.
فيما أكد وزير الشئون الدينية والأوقاف محمد عيسى، أن الجزائر لا تريد أن تكون طرفا في الحرب القائمة بين الشيعة والوهابيين ولا ساحة لهذا النزاع. وصرح الوزير في حديث ليومية “لوسوار دالجيري” قائلا “لدينا إرث جد ثري ولا نريد أن نكون طرفا ولا ساحة لهذا النزاع. نقول وبشكل رسمي للجزائريين أننا لا نريد أن نصبح ساحة لحرب لا تخصنا فنحن لسنا وهابيين حتى نتعرض لغزو شيعي يستدعي ويتطلب التوبة ولسنا شيعة لنتعرض لهذا الغزو الوهابي الذي يستدعي أيضا التوبة”. كما أشار السيد عيسى إلى وجود “نشاط شيعي في الجزائر في إطار حرب باردة بين الشيعة والوهابية”. وتابع قوله: إن “المدافعين عن هذين التيارين مستمرون في التقرب من الشباب ودعوتهم إلى الانضمام لهم ولهذا السبب تقوم مصالح الأمن بعملها حاليا لإعداد قائمة بالأشخاص المنتسبين للتيارين”. وفيما يتعلق بالتفكيك الأخير لجماعات شيعية في الجزائر أوضح انه “لما نتحدث عن الشيعة فان الأمر يتعلق بدعوة إلى التشيع”. وتابع السيد عيسى قوله “لدينا يقين بان المصالح الخاصة والتمويل الخفي تغلبا على الباقي ومن خلال هذا التمويل تتوسع تلك الجماعات”.
الحضور السياسي للشيعة في الجزائر:
لا يعرف للشيعة في الجزائر أي نشاط علني يمكن من خلاله تتبع مواقفهم وآرائهم في الشأن الوطني، وهو ما يجعل البحث في هذه المسألة تعترضه عدة عراقيل، كون لا يوجد لهم أية صحيفة ناطقة باسمهم، كما لا يوجد أي مسجد أو حسينية، ولكن ظهر لهم حديثا عدة مواقع إلكتروني في الشبكة العالمية جعلوا منها منبرا لهم، للحديث عن تواجدهم والتعبير عن آرائهم دون التدخل في شئون الدولة بحكم أن لديهم – حسب زعمهم – مهمة أسمى من ذلك بكثير، ألا وهي تقديم النصيحة وكشف الحقيقة. وتعد الجزائر البلد السني الوحيد الذي يدرج عاشوراء في خانة أيام العطل مدفوعة الأجر، كعيدي الفطر والأضحى، والمولد النبوي الشريف، وهو الأمر الذي يعارضه أنصار التيار السلفي، ويعتبرونه انحيازا غير مبرر وخدمة مجانية لغير المذهب السني. وتأتي مطالب الشيعة الجزائريين، بالإضافة إلى الاعتراف الديني لا يمكن عزلها عن المطالب السياسية، فالانتخابات المحلية والتشريعية السابقة، وحتى التي قبلها شهدت محاولات منهم لاختراق بعض الأحزاب السياسية، وترشحهم في بعض القوائم، كما أن أبرز رموزهم الحالية كانت تنشط في أحزاب سياسية، وقد يكون هذا محاولة تمدد داخل الأجهزة الإدارية لتمكين المتشيعين وتسهيل نشاطهم بطرق مختلفة، وربما يسعون إلى تأسيس أحزاب سياسية في المرحلة المقبلة. وهناك العديد من المتشيعين تمكنوا مؤخرا من اختراق العديد من المجالس المنتخبة، وبعض المدارس الخاصة، الجامعات والمساجد وحتى مديريات الضرائب. فلعديد من المتشيعين تمكنوا من استغلال الانتخابات المحلية الماضية وحتى بعض الاستحقاقات الوطنية، لاختراق المجالس المنتخبة وذلك ”في غفلة من الجميع”. كما أن هذا الأمر لم يقتصر ولم يتوقف عند المجالس المنتخبة بل تعداه ـ حسب ضيوف البلادـ إلى الجامعات؛ حيث ذكر – مسئول جبهة الصحوة الحرة الإسلامية السلفية، عبد الفتاح زيراوي حمداش- أن المد الشيعي وصل إلى الجامعات، مؤكدا وقوع حادثة في إحدى الكليات دون ذكر اسمها، حيث حاولت أستاذة ابتزاز طالبة بالتشيع للحصول على علامات جيدة، ناهيك عن بعض مديريات الضرائب في بعض الولايات. أما عن المساجد، فقد أكد الباحث نور الدين المالكي أنه تم العثور على بعض الكتب التي تمجد آل البيت وتقدح في صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مثل أبو بكر الصديق وعمر الفاروق، وتسب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وذلك في أحد مساجد برج بوعريريج، ومسجد الغزالي في أعالي العاصمة بحيدرة. أما المدارس الخاصة، فأكد الضيوف أن البعض منهم أودع ملفات للحصول على اعتماد جمعيات تحت تسمية ”حسن الاستقبال”، مؤكدين أن هذه التسمية من بين الرموز أو الشعار وكلمة السر التي يستعملها شيعة الجزائر فيما بينهم، ومنهم من أودع ملف للحصول على جمعية تحت كما كشف عبد الرحمن سعيدي، البرلماني عن «حركة مجتمع السلم» ونائب رئيسها، لـ«الشرق الأوسط» عن وجود تنظيم حديث النشأة يدعى حزب الله المغاربي يقوده شيعي مغربي مقيم في ألمانيا. وقال إن “جماعة فكرية خارج الجزائر، تتحرك لإرساء قواعد حزب مغاربي بمنطقة المغرب العربي”، مشيراً إلى “شخص يقيم بشرق الجزائر متزوج من لبنانية، وله نفوذ في الأوساط الشيعية خارج الجزائر ويدعي أنه من كبار الشيعة في المنطقة المغاربية”. وأضاف أن لديه معلومات مؤكدة تفيد بأنه “يتم التحضير في بلاد غربية وفي بلاد الشام لمشروع حزب الله المغاربي”.
الدور الإيراني في دعم شيعة الجزائر:
يعد الدور الإيراني عاملًا مهما في انتشار التشيع في الجزائر، ففي شمال مدينة طهران وفي شارع ميرداماد (وهو فيلسوف إيراني برز في بداية عهد الصفويين)، يثير مبنى صغير اهتمام سكان الحي؛ حيث لا تعلوه لافتة تفصح عن هويته رغم أن طبيعته توحي بأنه مبنى إداري حكومي. في ذلك المبنى تعمل وحدة تابعة لمكتب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله على خامنئي. تحمل هذه الوحدة اسم “كتامة” الباحث عبدالعزيز الخميس يسلط الضوء على تلك الوحدة ودورها كذراع إيرانية خفية تعبث في المشهد المغاربي. و”كتامة” اسم ليس غريباً على الإيرانيين؛ فهي مفردة مشتقة من فعل “كتم” في اللغة العربية ولعلها تنطبق على طبيعة عمل موظفي وحدة “كتامة” من حيث الكتمان. وتزايد الحديث خلال الأيام القليلة الماضية عن حركة مشبوهة تقوم بها بعض الجهات المرتبطة بإيران في نشر التشيع بشكل سري في دولة الجزائر. وكشفت صحف ومواقع إعلامية عن تحركات دؤوبة تقوم بها السفارة الإيرانية في الجزائر لتصدير الفكر الشيعي واختراق النظام المجتمعي المعروف بتمسكه بالمذهب المالكي “السني” هناك. وعمد ناشطون حقوقيون على إطلاق حملة على شبكات التواصل الاجتماعي تبنوا فيه المطالبة بطرد الملحق الثقافي بسفارة إيران في الجزائر أمير موسوي، لأنه كما يقولون “يسعى بقوة إلى نشر التشيع” تحت غطاء التقارب بين البلدين في المجال الاقتصادي. وقال الناشطون: إن أمير موسوي تجاوز مهمته الدبلوماسية فصار ينسق سرياً مع متشيعين جزائريين، ونظم لعدد منهم رحلات إلى طهران وقم والنجف، وهناك بالتأكيد التقوا مع جهاز المخابرات الإيراني والحرس الثوري ورجال دين شيعة. ونقلت صحيفة أخبار اليوم الجزائرية عن زعيم تنظيم صحوة المساجد الحرة عبد القتاح حمداش قوله: “إن سفارة إيران في الجزائر تنشر التشيع بأساليب أخطبوطية”.
الملحق الثقافي الإيراني بالجزائر ..وجوده غير مريح تماما ..هل جاء الدور على الجزائر ؟….وهل الشعب يعي المخطط الإيراني ؟؟ #اطردوا_أمير_موسوي — Ania El Afandi آنيا (@Ania27El) January 25, 2016
من جهته ذكر الكاتب والحقوقي الجزائري، أنور مالك، في حديث سابق لـ”الخليج أونلاين”، بعد حملة لطرد أمير موسوي، الملحق الثقافي الإيراني في الجزائر، بعد اتهامه بتجاوز حدود مهمته الدبلوماسية، وإدارة شبكة خطرة لنشر التشيع بين الجزائريين مطلع العام، إن “موسوي يقوم بنشر التشيع في الجزائر من خلال تنظيم زيارات لجزائريين إلى قم وطهران”. ورأى مالك أنه “جرى اختيار موسوي بعناية؛ لكونه كان يتردد على الفضائيات العربية، وبات معروفاً للجمهور العربي، وتم استغلال ظهوره لنشر التشيع”. وكشف مالك عن وجود “خلايا سرية لنشر التشيع في الجزائر”، مشيراً إلى أن “موسوي التقى بضباط في جهاز الاستخبارات”، معتبراً في الوقت نفسه أن “ما يقوم به يهدد الأمن القومي الجزائري”. وأكد الحقوقي الجزائري، في تغريدة له منتصف نوفمبر 2014، أن “ما حققته إيران من مكاسب في نشر التشيع بين الجزائريين خلال 15 عاماً ، لم يسبق له مثيل في الجزائر التي بلغت مرحلة الخطر”.وأضاف في تغريدة أخرى: أن “الخطر الصفوي يتحدى الجزائريين: الشيعة في الجزائر يلبسون السواد علنا بالشوارع في عاشوراء وبينهم من سمّى ابنه الخميني”.
من طهران لكم كل التهاني والتبريكات أيها الجزائريون الأحرار بمناسبة الذكرى ال64 لإندلاع الثورة الجزائرية المجيدة في اول نوفمبر عام 1954 وإنتصرت عام 1962 بتطهير الجزائر من دنس الوحوش الفرنسيين رحم الله الشهداء الأطهار وبارك الله بالجزائر الحبيبة وزادها قوة ومنعة. pic.twitter.com/s8ub5cylvz — Amir Almousawi أمير الموسوي (@AmirAlmousawi2) November 1, 2018
وتذهب بعض المصادر إلى تورط الحرس الثوري الإيراني في دعم الحركات المسلحة وتدريب أشخاص، وبعض القيادات التي تتهم بالتشيع، ومحاولة السيطرة على التنظيمات وتوجيهها. وتقوم السفارة الإيرانية بالجزائر بتنظيم رحلات دراسية إلى المؤسسات الدينية في إيران، ولا تبقى محصورة عن الحد الديني، وإنما تقتضي الولاء للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، الخميني ثم الخامنئي من بعده وهو ما قام به من يعرف ب”الوكيل الشرعي للخامنئي” بالجزائر الشيخ فاضل الجزائري الذي يتولى تأطير الجماعات الشيعية. وتقوم مؤسسة الإمام الحسين والتي مقرها قم في إيران بمساعدة طلاب العلوم الدينية من مختلف دول العالم ومن بينها الجزائر. ويؤكد المتشيع التونسي السيد عماد الحمروني أهمية دور هؤلاء الطلبة؛ حيث يقول في مداخلة له على الموقع الإلكتروني لـ”شيعة الجزائر” بتاريخ 8 ماي 2004: “أعلمك أني التقيت بإخوتنا من طلاب العلم في قم المقدسة ودعوتهم إلى الاهتمام بشئون التبليغ والتواصل مع إخوتهم من بني قومهم إننا ومن خلال تكليفنا الشرعي خصصنا هذا العام جمعية أهل البيت الثقافية بتونس حتى تكون صوت المؤمنين الموالين في بلادنا وهي خطوة أولى لإحياء التشيع في بلاد المغرب الإسلامي. وتفيد بعض الأصداء أنه يتم سنويًّا صرف مبالغ مالية مهمة لنشر هذا الفكر ومساعدة المتشيعين في تغطية تكاليف سفرهم للحج سنويا إلى منطقة كربلاء في العراق، والتواصل مع أعلام هذا الفكر هناك. وأشار السفير السعودي السابق في الجزائر عبد الله الناصر إلى أن إيران “تقدم ألف منحة دراسية سنويا للطلاب الجزائريين”. كما تحدثت جريدة الشروق عن وجود 50 متشيع جزائري في قم. ويبدوا هذا الرقم صغير جدا فوفقه يمكن القول أنه كان ينتقل من (1980 إلى 2010) جزائريين فقط للدراسة في قم. وبغض النظر عن هذا؛ فإن هؤلاء أمضوا سنوات عديدة من الدراسة في الحوزة؛ وبالتالي فهم مشاريع دعاة في المستقبل المتوسط أو البعيد، ووكلاء للمراجع الدينية في الوقت الحالي، وقد بدؤوا في الظهور على القنوات الشيعية كدعاة وأيضا تقديم برامج، أو نقل تجربتهم مع التشيع (استبصارهم). وكلما سنحت الظروف للنشاط فسيحاولون ملأ الفراغ أو الفرص المتاحة، خاصة مع اتجاه المجال الديني نحو الحريات الفردية.
ويعتبر ملفا التعاون الاقتصادي والمد الشيعي أهم التحديات التي تواجه الجزائر في العلاقات مع إيران؛ فالمد الشيعي لإيران انعكس على جميع البلدان التي نجح في بناء حاضنة مجتمعية بها بالوبال والاقتتال الطائفي مثلما يحدث في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن. وتبحث إيران، عن طريق الجزائر؛ على بوابة لها في الشمال الإفريقي اقتصاديًّا وفكريًا. كما يُعد تعزيزُ الحضور الاقتصادي لإيران إقليميًّا أحد أهم ثوابت السياسة الإيرانية، فهناك أكثر من 15 شركة إيرانية بالجزائر وفقا لسفير الجزائري في طهران سفيان ميموني.
Commentaires