عندما نقول أن النظام الجزائري طرف اساسي قي النزاع المفتعل فس الصحراء هناك من يرد علينا هذا القول و يعتبرنا فقط نردد خطاب الدولة. كما أن الدولة عندما تعتبر أن الشرط الأساسي لأي تقدم في العملية السياسية لحل هذا النزاع و لإجراء مفاوضات جدية هو جلوس الجزائر كطرف رئيسي على طاولة المفاوضات. ما يثبت ما ذهبنا إليه أعلاه هو التحرك الدبلوماسي الكبير لوزير خارجية الجزائر بالأمم المتحدة لمحاولة الضغط قبل الإعلان عن تقرير غوتيريس في 28 شتنبر المقبل و التشويش على التحركات التي تقوم بها الخارجية المغربية. مساهل التقى كوهلر و بعده غوتيريس ناقش معه ملف الصحراء و حاول التأثير عليهما، الملاحظ هنا هو أنه بعد فشل تحركاته المريبة أعطى النظام الجزائري أوامره للبوليساريو قصد الهجوم على كوهلر ثم غوتيريس بل عمدوا إلى محاولة استخراج وثائق قديمة عن كوهلر تحاول التشكيك في ذمته المالية متهمين إياه بتبذير الأموال. الجزائر طرف أساسي أي حل خارج انخراط هذا النظام فيه لن يكون. كما أن أية مفاوضات دون أن تكون الجزائر حاضرة فيها كطرف رئيسي ستكون عبثية و مضيعة للوقت.
عمدت الأمانة العامة لجبهة البوليساريو إلى إصدار منشور حول المجلس الوطني لحقوق الإنسان قامت بالهجوم عليه و عمله الذي يبدو أنه أصبح مزعجا لقيادة الجبهة و عنصرا فاعلا من عناصر الدبلوماسية الحقوقية للمغرب دوليا على مستوى المنتظم الدولي خاصة مجلس حقوق الإنسان و إقليميا على المستوى الإفريقي بل أصبح عمله يعتبر نموذجا للعدالة الانتقالية يحتذى بها و يمكن الرجوع للتجربة التونسية في المجال التي استلهمت مختلف العناصر الحقوقية في العدالة الانتقالية، كما شكل عنصرا من العناصر التي أصبحت تقارير الأمم المتحدة و توصيات مجلس الأمن في ملف الصحراء لا تخلوا من الإشارة للمجلس و للعمل الذي يقوم به على مستوى حماية حقوق الإنسان و النهوض بها باعتباره عنصر قوة في المجال الحقوقي بل شكل صمام الأمان المؤسساتي للمغرب في مواجهة مطلب توسيع مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية. و يمكن إجمال أهم العناصر التي قد توضح أسباب ازعاج البوليساريو من عمل المجلس : – المصداقية والمهنية التي إبان عنها في تعاطيه من قضايا حقوق الانسان وتفادي كل محاولات تسييس عمله الحقوقي الحيادي الذي يتم وفقا لمعايير باريس التي تحدد خلفيات عمل المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان. – موقعه كرقم أساسي في معادلة العمل الدبلوماسي المغربي على مستوى الترافع في القضايا الحيوية التي تهم المغرب على رأسها ملف الصحراء حيث بات المجلس حاضرا بقوة في أجندة مجمل المؤسسات الأممية والدولية والقوى الدولية الفاعلة ( بصفة خاصة الولايات المتحدة الامريكية – موءسسات الاتحاد الاوروبي ) حيث أضحت مختلف الوفود الأجنبية التي تأتي للمغرب إلا و تبرمج لقاءات مع المجلس للاطلاع على عمله و مدى فعاليته في حماية حقوق الإنسان و النهوض بها في المغرب عموما و الصحراء خصوصا. – نجاحه النسبي في المساعدة على إيجاد حلول لبعض المطالَب الاساسية لفئات واسعة من ساكنة الأقاليم الجنوبية خاصة ذات العلاقة مع الحقوق المدنية و السياسية و قد كان له إسهام في حصول العديد المنظمات المحلية في الأقاليم الجنوبية على وصل إيداع احتراما للقانون دون أن تحكمه أية خلفيات سياسية في تعاطيه مع هذه المنظمات. – علاقات التعاون الجيدة التي خلقها مع مجمل مكونات النسيج الجمعوي الصحراوي بصرف النظر عن قناعاتهم السياسية وتصوراتهم حول الحل النهائي في المنطقة وقد مكن هذا التعاون من المساهمة في انبثاق فعليات جمعوية وحقوقية ذات تكوين ومعرفة جيدة بحقوق الانسان بات عملها في اروقة مجلس حقوق الانسان بسبب إزعاجا كبيرا للجزائر و قيادة الجبهة ومعظم هوءلاء ألفاعلين سبق ان استفادوا من دورات تكوينية في مجال حقوق الانسان نظمها المجلس وطنيا وجهويا يكفي العودة هنا للنقاش الذي أثير في دورة مجلس حقوق الإنسان عند مناقشة التقرير الوطني الجزائر فقد كان للمجتمع المدني الصحراوي و لفاعليه الجدد الإسهام الكبير في فضح الإنتهاكات الكبيرة التي يتعرض لها سكان مخيمات تندوف. – هجوم الجبهة على المجلس هو أيضا تغطية على الفشل الذي منيت به من خلال الولادة الميتة للجنة الصحراوية لحقوق الانسان التي أحدثت قبل أربع سنوات لكنها عجزت ان لعب الأدوار التي أحدثت من أجلها اَي ان تكون بديلا للاليات الجهوية لمجلس حقوق الانسان بالأقاليم الجنوبية ( كلميم – العيون – الداخلة ) لأن هذه اللجنة تحولت إلى محرد درع من أدرع البوليساريو التنظيمية. – تزايد عدد الوفود الأجنبية التي تعتبر ان اللقاء مع ممثلي المجلس وطنيا أو جهويا للاستقصاء حول وضعية حقوق الانسان بالصحراء ، أمرا لا محيد عنه بل أصبحت مرجعا معتمدا لها يساهم في تشكيل قناعتها حول العديد من الملفات الحيوية التي تهم ملف الصحراء في مختلف أبعاده المدنية-السياسية و الاقتصادية-الإجتماعية. – اعتماد تقارير المجلس مرجعا أساسيا في مختلف تصاريح ومواقف العديد من كبار المسؤولين الدوليين نظرا للمصداقية التي يحضى بها المجلس دوليا التي لولاها لما حصل المجلس على الصفة “أ” بمجلس حقوق الإنسان و لما تحول لمخاطب شبه رسمي من طرف المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
Comments