top of page
Photo du rédacteurAA

عاجل: رسالة جميلة بوحيرد الى الشعب الجزائري

عاجل رسالة جميلة بوحيرد الى الشعب الجزائري

جميلة بوحيرد (1935 – ) مُقاوِمة جزائرية، من المناضلات اللاتي ساهمن بشكل مباشر في الثورة الجزائرية أثناء الاستعمار الفرنسي، في أواخر القرن العشرين. ولدت جميلة في حي القصبة، الجزائر العاصمة، من أب جزائري مثقف وأم تونسية من القصبة وكانت البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها فقد أنجبت والدتها 7 شبان، كان لوالدتها التأثير الأكبر في حبها للوطن فقد كانت أول من زرع فيها حب الوطن وذكرتها بأنها جزائرية لا فرنسية. رغم سنها الصغيرة آنذاك، واصلت جميلة تعليمها المدرسي ومن ثَم التحقت بمعهد للخياطة والتفصيل فقد كانت تهوى تصميم الأزياء. مارست الرقص الكلاسيكي وكانت ماهرة في ركوب الخيل. عندما اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954، انضمت بوحيرد إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية للنضال ضد الإحتلال الفرنسي وهي في العشرين من عمرها، ثم التحقت بصفوف الفدائيين وكانت أول المتطوعات مع المناضلة جميلة بو عزة التي قامت بزرع القنابل في طريق الإستعمار الفرنسي، ونظراً لبطولاتها أصبحت المطاردة رقم 1 حتى ألقي القبض عليها عام 1957 عندما سقطت على الأرض تنزف دماً بعد إصابتها برصاصة في الكتف، وهنا بدأت رحلتها القاسية من التعذيب وجملتها الشهيرة التي قالتها في ذاك الوقت: بعد 3 سنوات من السجن تم ترحيلها إلى فرنسا وقضت هناك مدة ثلاث سنوات ليطلق سراحها بعد ذلك مع بقية الزملاء.

أبنائي الأعزاء وأحفادي،

بادئ ذي بدء، أودّ أن أخبركم، كم أنا سعيدة لوجودي معكم، لاستعادة مكاني كمواطنة في هذا الكفاح من أجل الكرامة، في شراكة أخويّة.

أودّ أن أعرب عن امتناني، لأنكم سمحتم لي، بأن أعيش لحظة انبعاث الجزائر الثورية، التي دفنها البعض بسرعة كبيرة. أودّ أن أبدي لكم سعادتي وفخري، وأنا أشاهدكم تستعيدون المشعل من آبائكم؛ هم حرّروا الجزائر من الحكم الاستعماري، وأنتم تعيدون للجزائريين حريتهم وكرامتهم المنتهكة منذ الاستقلال.

وبينما كان الجزائريون يقيمون الحداد، لأعزاء لهم، بين بهجة الانتصار واسترجاع الكرامة؛ شنّ المختبئون في الخارج، حربًا جديدة على الشّعب وعلى ثوّاره، ليستولوا على السلطة، باسم شرعية تاريخية مغتصبة. هكذا تولى تحالف غير متجانس تم تشكيله حول جماعة وجدة، مع جيش الحدود الذي وضعه ضباط الجيش الفرنسي، وبدعم من “مقاتلي” 19 مارس، ليأخذوا البلد كرهينة.

باسم شرعية تاريخية مغتصبة، تعقّبوا النّاجين من النضال التحرري، طاردوهم، ونفوهم؛ واغتالوا أبطالنا الذين تحدوا القوة الاستعمارية بوسائل بسيطة، مسلحين بشجاعتهم الوحيدة وتصميمهم الوحيد.

بعد أكثر من نصف قرن من الانتصار على الحكم الاستعماري، وبعد استقلال البلاد، يحاول النظام السياسي الذي تم تثبيته بالقوّة في عام 1962، البقاء على قيد الحياة عن طريق الخداع، ومواصلة قمع الجزائريين، وتحويل ثرواتنا، وتمديد الوصاية الاستعمارية الجديدة لفرنسا، للاستفادة من حماية قادتها. أولئك الذين، باسم وطنية، طالبوا بـ “توبة” فرنسا، لينتهي بهم المطاف بسقوط الأقنعة. كم من قادة متقاعدين، أو الذين يزاولون نشاطهم، وكم من وزراء، ومن كبار المسؤولين، ومن كبار ضباط الجيش، ومن قادة الأحزاب، الذين عادوا إلى فرنسا، وطنهم البديل، الملجأ الذي أودعوا فيه حصيلة نهبهم؟ آخر إشارة كاشفة عن هذه الروابط الضارة، للهيمنة الاستعمارية الجديدة، دعم الرئيس الفرنسي للانقلاب المخطط له، من طرف نظيره الجزائري؛ وهو اعتداء على الشعب الجزائري، وضد تطلعاته إلى الحرية والكرامة.

باسم أي مفهوم غريب للديمقراطية، وباسم أي قيّم عالمية يلجؤون إليها لإنقاذ نظام استبدادي، بعيدا عن أي أسس قانونية، سلطة مستبدة، وعائلته، وعشيرته وزبانيته، رفضتها بشدة إرادة الشعب الجزائري؟

لم يخطئ الشعب الجزائري مطلقًا في تحقيق أهدافه، طيلة كفاحه التحرري الطويل، إذا قاتل جيلنا ضد النظام الاستعماري، فقد قدّر القيمة الحقيقية للتضامن النشط للشعب الفرنسي، وخاصة طليعته التقدمية.

أبنائي الأعزاء وأحفادي،

بهذا التذكير التاريخي، أود أن ألفت انتباهكم، أيها الشباب الجزائري في النضال، إلى التجاوزات التي تهدّد معركتكم. من خلال الارتباط بمسار التاريخ، الذي انقطع في جويلية 1962، تكونون قد تسلمتم المشعل الذي سيضيئ طريق بلدنا الجميل نحو تحرّره، واسترجاع كرامته؛ أنا مقتنعة، بأن شهداءنا، الذين كانوا في سنّكم، عندما ضحوا بحياتهم لتعيش الجزائر، قد وجدوا أخيرًا، السكينة والطمأنينة.

بالتزامك السلمي الذي نزع سلاح القمع، وعن طريق تحضّرك، الذي أثار إعجاب العالم، ومن خلال هذا التضامن الأخوي الذي طبع قلوبنا، والذي يطفو على السطح في كل مرة تكون فيها البلاد في خطر؛ تكون قد بعثت الأمل، لقد أعدت ابتكار الحلم، لقد سمحت لنا بأن نؤمن مرة أخرى بهذه الجزائر، التي تستحق التضحية بشهدائها والتطلعات المخنوقة لشعبها. جزائر حرة ومزدهرة، تحررت من الاستبداد والنهب. جزائر سعيدة، يتمتع فيها جميع المواطنين بنفس الحقوق، ونفس الواجبات، والفرص ذاتها، ويتمتعون بنفس الحريات، دون تمييز.

بعد أسابيع من الكفاح السلمي، النموذجي في التاريخ وفي جميع أنحاء العالم، أصبحت حركتك بين مفترق طرق؛ قد تغرق، دون يقظتك، في كتالوج الثورات الفاشلة. سيحاول المتلاعبون والمتنكرون في أزياء المناضلين، العملاء المحرّضون في الخدمة، خدّام النظام المتحمّسين حديثا، تحويل معركتكم، لقيادتها إلى طريق مسدود، من أجل منح الوقت للمغتصبين والإبقاء على الوضع الراهن. هكذا تتسرب قوائم شخصيات، تُصنع في المختبرات الخفية منذ بضعة أيام لفرضها عليكم، وضد إرادتكم، وفي اتجاه مخالف لحركتكم.

أبنائي الأعزاء وأحفادي،

في غضون أسابيع قليلة، كشفتم للعالم ما يمتلكه الشعب الجزائري من جمال، ومن عظمة، رغم عقود من القمع، لفرض الصمت. الأمر متروك لكم، أنتم الذين تكافحون في الجامعات للحصول على تكوين جيّد، في الشركات لفرض حقوقكم النقابية، في المحاكم لدحر التعسّف، في المستشفيات للمطالبة برعاية جيّدة للجميع؛ الأمر متروك لكم، أيها الصّحافيون، للبحث عن الحقيقة لكشف الأكاذيب والتلاعب، فقد دفع البعض حياته ثمنا لتحقيق ذلك؛ الأمر متروك لكم أيها الفنانون الذين ألقوا النور في ظلام حياتنا اليومية؛ والأمر متروك لكم، للذين يقاومون الانحطاط، بفرض الأخلاق؛ الأمر متروك لكم جميعا لرسم مستقبلكم، ولإعطاء شكل لأحلامكم. الأمر متروك لكم، أنتم الذي تكافحون يوميًا، لتعيين ممثليكم بالوسائل الديمقراطية وبشفافية كاملة.

لقد تعرّض جيلنا للخيانة؛ فشلنا في الحفاظ على معركتنا ضد انقلاب الانتهازيين والمغتصبين والمقاتلين في الساعة الخامسة والعشرين، الذين أخذوا البلاد رهينة منذ عام 1962. على الرغم من غضب الشعب الذي رفضهم، لا يزال آخر ممثليهم يتمسكون بالسلطة، في عدم شرعية، وفي عار وإهانة.

لا تتركوا عملاءه المتنكرين بملابس ثورية، يسيطرون على حركتكم التحررية.

لا تتركوهم يفسدون نبل معركتكم.

لا تتركوهم يسرقون انتصاركم.

0 vue0 commentaire

Comments


bottom of page