top of page
Photo du rédacteurAA

الصومال/ الدكتور. الشرقاوي الروداني: اعتداء جديد يؤشر على تصعيد مقبل.



ضيف مساء مونت كارلو الدولية هو الدكتور الشرقاوي الروداني الخبير في الشؤون الاستراتيجية والأمنية والمختص في الشأن الإفريقي، بخصوص الاعتداء الإرهابي الذي استهدف وسط مغديشو .


حصيلة ضحايا تفجير مقديشو تقترب من الـ 150 بين قتيل وجريح قال مسؤول بخدمة للإسعاف في الصومال إن الانفجار عند نقطة تفتيش مزدحمة بالعاصمة مقديشو اليوم السبت (28 كانون الأول/ديسمبر 2019) أودى بحياة 76 شخصاً على الأقل كما أصيب العشرات. ونقلت وكالة فرانس برس عن مدير خدمة “آمن” للإسعاف عبد القادر عبد الرحمن حجي تأكيده أن “عدد الضحايا الذي تم التأكد منه بلغ 76 قتيلاً و70 جريحاً، وقد يرتفع أكثر”. ومن جهته، قال رئيس بلدية مقديشو، عمر محمود، للصحفيين من مكان الانفجار إن الحكومة تؤكد إصابة 90 مدنياً على الأقل في الانفجار ومعظمهم طلاب.

إلى ذلك ذكر مسؤول بالشرطة الصومالية لوكالة أنباء بلومبرغ أن مهندسين أتراك كانوا هدف انفجار السيارة المفخخة. وقال الضابط بالشرطة الصومالية أحمد عبدي حسين لوكالة بلومبرغ نيوز عبر الهاتف أن سيارة مفخخة انفجرت في تقاطع طرق مزدحم في الجانب الجنوبي الغربي من العاصمة، مقديشو. وقال شرطي آخر إن الهدف كان مهندسين أتراك كانوا في مركبة قريبة من التقاطع، دون الكشف عن كيفية حصوله على هذه المعلومات.

كما نقلت وكالة أنباء الأناضول عن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، القول إن شخصين تركيين قتلا في الهجوم.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الانفجار. غير أن جماعة “الشباب” المرتبطة بتنظيم القاعدة نفذت هجمات مماثلة في الماضي. وأُجبر عناصر حركة الشباب الإسلامية على الفرار من العاصمة الصومالية سنة 2011 لكنهم لا يزالون يسيطرون على مناطق ريفية في محيطها، كما نفّذوا هجمات في كينيا المجاورة. وقبل أسبوعين، قتل خمسة أشخاص عندما هاجم عناصر حركة الشباب فندقاً في مقديشو، يتردد إليه سياسيون وشخصيات في الجيش ودبلوماسيون، بعد محاصرته لساعات.

ومنذ العام 2015، شهد الصومال 13 هجوماً أسفرت عن مقتل 20 شخصاً أو أكثر، وقع 11 منها في مقديشو، بحسب حصيلة أعّدتها فرانس برس. وتمّت جميعها باستخدام سيارات مفخخة. ووقع الهجوم الأكثر دموية في تاريخ البلاد بتشرين الأول/أكتوبر 2017 في مقديشو حيث قتل 512 شخصاً وأصيب نحو 295 بجروح.

ويعاني الصومال من الصراع منذ عام 1991 عندما أطاح مقاتلون بالدكتاتور محمد سياد بري ثم تحولوا لقتال بعضهم البعض.

مقديشو.. تاريخ عريق دمرته حرب أهلية هوجاء

“مقديشو” عاصمة الصومال؛ تأسست في القرون الأولى من التاريخ الإسلامي فصارت مركزا لحكم ممالك إسلامية متعددة، وأهّلها موقعها الجغرافي الإستراتيجي لتكون مركزا ماليا مهما في حركة التجارة العالمية. خضعت للاحتلالين الإيطالي والبريطاني، وبعد ثلاثة عقود من استقلالها عام 1960 اندلعت فيها حرب أهلية مدمرة ما زالت تعيش آثارها.

الموقع تقع مدينة مقديشو على الساحل الغربي للمحيط الهندي حيث يلتقي بخليج عدن، وتمتد مساحتها على أكثر من عشرين كيلومترا مربعا. تحيط بها مياه المحيط الهندي من الجنوب والشرق، ويحدها إقليم شبيلي الوسطى من الشمال، وإقليم شبيلي السفلى من الشمال الغربي.

السكان بلغ عدد سكان مقديشو 2.1 مليون نسمة حسب تقديرات نُشرت نهاية عام 2015، ويقدر معدل نمو سكانها بنحو 7% جراء موجات النزوح السكاني التي تتجه إليها فرارا من المناطق الصومالية الأخرى الأقل أمنا بسبب الصراع الدائر في البلاد منذ 1991.

التاريخ تقول المصادر التاريخية إن تأسيس مقديشو تم بالتدرج بدءا من أوائل القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) على أيدي مهاجرين من اليمن، ثم لحقت بهم في القرن الرابع مجموعتان بشريتان، إحداهما فارسية جاءت من شيراز (غربي إيران)، والأخرى عربية جاءت من منطقة الأحساء (شرقي السعودية) وتـُعرف تاريخيا بـ”الإخوة السبعة”.

أنشأ “الإخوة السبعة” ميناء تجاريا لرسو السفن على ساحل مقديشو، وأسسوا فيها “مشيخة مقديشو” التي جاء اسمها -حسب بعض الروايات- من عبارة “مقعد الشيخ”، بمعنى عاصمة أو مركز “الشيخ” الذي هو لقب يعادل “السلطان”. وكانت المدينة تتألف من حيين سكنيين هما “شنغاني” الذي يسكنه الشيرازيون، و”حمرويني” الذي يقطنه العرب والصوماليون الأصليون.

ومنذ ذلك التاريخ شهدت مقديشو قيام وسقوط سلسلة من الممالك والسلطنات التي تأسست فيها عبر المعاملات التجارية مع السكان المحليين الذين كانوا يتولون بأنفسهم شؤون القضاء، وكانت مدينة عامرة مكتظة بالمنازل والجوامع.

ومن أهم هذه الدول والسلطنات في العهد الإسلامي “دولة حلوان” و”دولة زوزان” التي أطاحت بسابقتها وكلتاهما كانت في القرن السادس الهجري، و”الدولة الشيرازية” (القرن السابع) التي اشتهرت ببناء المسجد الضخمة ذات الطابع المعماري الفارسي، و”دولة فخر الدين” التي تعاقب سلاطينها على الحكم ما بين القرن الـ13 ومنتصف القرن الـ14م، وفي أيامها زار مقديشو الرحالة ابن بطوطة عام 1331م.

وفي عام 1499م زارها الرحالة البرتغالي فاسكو دي غاما عائدا من الهند، وقد خضعت مقديشو عام 1502م لسيطرة البرتغاليين الذين كان لهم آنذاك نفوذ في مياه المحيط الهندي. وفي 1871م صارت المدينة تابعة سياسيا للسلطان العُماني في “زنجبار” وأصبحت بذلك عاصمة للبلاد، ثم احتلتها إيطاليا عام 1892 بعد صفقة مالية أبرمتها مع السلطان العماني.

خاض الصوماليون -بقيادة بطلهم القومي محمد عبد الله حسن- مقاومة شرسة ضد الاحتلال الإيطالي والبريطاني خلال 1901-1920م، وفي بداية خمسينيات القرن العشرين أصبحت مقديشو تخضع لإدارة صومالية بعد وضع الصومال تحت الوصاية الدولية خلال 1950-1960.

تأكدت مكانة مقديشو بإعلانها مجددا عاصمة رسمية للبلاد إثر استقلالها في يونيو/حزيران عام 1960، وعاشت أكثر فترات تاريخها المعاصر تحت حكم مركزي بقيادة الرئيس الثالث للبلاد اللواء محمد سياد بري الذي وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري نفذه يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 1969.

ورغم حكم بري الذي يوصف بأنه كان “اشتراكيا دكتاتورياً”؛ فإن مقديشو ظلت تعتبر إحدى أكثر العواصم الأفريقية نظاما وأمنا إلى أن انهار هذا النظام 1991، فسقطت الحكومة المركزية ودخلت البلاد في حرب أهلية طاحنة بين أمراء الحرب العشائريين دامت عقدين، وارتبط بسببها اسم مقديشو بالفوضى وتغيرت معالمها العمرانية والسكانية، وفقدت المدينة عشرات الآلاف من المدنيين قتلى وجرحى.

وفي ديسمبر/كانون الأول 1992 أقر مجلس الأمن الدولي التدخل العسكري في الصومال بقيادة الولايات المتحدة لوقف الحرب الأهلية الدائرة. وبعد أسبوع من صدور القرار بدأت قوات من المارينز الأميركية النزول في ميناء مقديشو في عملية سميت “إعادة الأمل”.

تمكنت مليشيات صومالية في العام نفسه من إسقاط طائرتي هليكوبتر أميركيتين مما أدى إلى مقتل 19 من العسكريين سحل المسلحون جثثهم في شوارع العاصمة، مما أثار غضب الأميركيين فقرروا إنهاء عملياتها العسكرية في الصومال وأجْلوا قواتهم من مقديشو في مارس/آذار 1994.

ورغم اتفاقات السلام العديدة التي وقعها الصوماليون فإن الحكومات التي شُكلت بناء عليها لم تستطع أن تحكم قبضتها على العاصمة مقديشو التي ظلت ميدانا رئيسيا للقتال بين أمراء الحرب، حتى تمكن “اتحاد المحاكم الشرعية” بقيادة شيخ شريف شيخ أحمد لأول مرة من إحكام قبضته على كامل المدينة في مايو/أيار 2006 ، وإقصاء خصومه في “التحالف لإرساء السلم ومكافحة الإرهاب” المدعوم ماليا وعسكريا من واشنطن.

كوّنت المحاكم الإسلامية مجلسا قياديا لإدارة المدينة يتألف من لجان تعنى بالأمن والاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها، وأعادت افتتاح ميناء مقديشو بعد أن ظل مغلقا منذ انسحاب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة عام 1995 بسبب صراع زعماء الحرب للسيطرة على عائداته، وكذلك مطار العاصمة الذي أغلق منذ اندلاع الحرب الأهلية 1991.

لكن تدخل إثيوبيا عسكريا في البلاد أسقط حكم “المحاكم” في ديسمبر/كانون الأول 2006، ثم عاد رئيسها إلى مقديشو إثر انتخاب البرلمان الصومالي (في جيبوتي) إياه رئيسا للصومال يوم29 ديسمبر/كانون الأول 2008.

ورغم تعدد الحكومات الصومالية ورؤساء البلاد منذ ذلك التاريخ ووجود قوات سلام تابعة للاتحاد الأفريقي في العاصمة؛ فإن أن الصراع المسلح في المدينة -وكذلك بقية أرجاء البلاد- ما زال محتدما، خاصة بعد دخول قوى مسلحة أخرى في ساحته مثل حركة الشباب المجاهدين التي سيطرة أحيانا على مناطق كبيرة من مقديشو.

وقد أثر ربع قرن من الحرب والاضطراب الأمني والسياسي على البلاد كلها ولا سيما العاصمة مقديشو، وتحتاج المدينة -طبقا لتقديرات أولية أعدت عام 2006- إلى مبالغ طائلة لإعادة إعمار المباني الحكومية المدمرة التي تشكل 40% من مباني العاصمة، وإعادة بناء شبكة الكهرباء حيث يعتمد سكانها على مولدات صغيرة للحصول على الكهرباء.

فمثلا تتطلب مشاريع ترميم الطرق نحو 60 مليون دولار أميركي لإعادة رصف نحو 300 كلم من الطرق في أنحاء مقديشو. أما ترميم المدارس الابتدائية والثانوية البالغ عددها نحو 80 مدرسة في المدينة فيحتاج ما لا يقل عن 20 مليون دولار أميركي. وتقدر تكلفة إعادة إعمار شبكة المياه والصرف الصحي بما لا يقل عن 30 مليون دولار، هذا عدا مولدات الكهرباء الضخمة المطلوبة لضخ المياه.

الاقتصاد ظلت مقديشو بحكم موقعها الإستراتيجي أحد أشهر موانئ شرقي أفريقيا، وكانت قبل نشوب الحرب الأهلية مركزا مهما للتجارة والزراعة ومصدرا للثروة الحيوانية، وأنشئت فيها بعض المشاريع الصناعية كمصنع تعليب اللحوم ومصنع إنتاج الأدوية البيطرية، لكونها تقع وسط إقليم يشتهر بالثروة الزراعية والحيوانية.

وقد ساعد في مكانتها الاقتصادية الحيوية كونها مدينة بحرية تقع على ساحل المحيط الهندي وتتصل بخطوط برية مع دول أفريقية كبيرة مثل إثيوبيا وكينيا وفيها مطار دولي.

ومن أهم أسواق مقديشو “سوق بكارا” الذي يقع وسطها ويوصف بأنه من أكبر الأسواق في منطقة القرن الأفريقي، إذ يحتوي على مكاتب تجارية لمختلف الشركات الصومالية ويستقطب معظم البضائع من الأسواق العالمية والإقليمية.

المعالم توجد في مقديشو معالم تاريخية عديدة ظلت باقية رغم ظروف الحرب ومظاهر الدمار، ومن أهم هذه المعالم “جامع حمرويني” المقام في بدايات تأسيس المدينة، و”مسجد فخر الدين” الذي بُني -حسب ما دُون على لوحته التذكارية- سنة 667هـ (عام 1269م)، و”مسجد أربع ركن” الذي أنشئ في نفس العام.

ومن معالمها كذلك المتحف الصومالي الذي يتألف من طابقين وتعود إقامته إلى عهد الحكومة الإيطالية عام 1932م، وكان مقره في الأصل قصرا لسلطان زنجبار.

مع. مواقع إلكترونية: خ.س/ع.ج.م (أ ف ب، د ب أ، رويترز، mc، الجزيرة)


1 vue0 commentaire

Comments


bottom of page