الدكتورة :كريمة غانم
انطلقت فعاليات الملتقى الأفريقى للمبادرات الشبابية، تحت عنوان “المبادرون” الأحد 3 مارس، بأسوان، فى إطار تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإعلان أسوان عاصمة الشباب الأفريقي وبمشاركة شباب 23 دولة إِفريقية.
و صرحت كريمة غانم، رئيسة المركز الدولي للدبلوماسية بالمغرب، وأحد أعضاء لجنة التحكيم في الملتقي الأفريقي للمبادرات الشبابية تحت شعار “المبادرون” أن هذا الأخير هو مبادرة مصرية تحت إشراف وزارة الشباب و الرياضة المصرية في إطار رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، ويشارك في هذا اللقاء شباب من 23 دولة إفريقية، ويعتبر “المبادرون”، هو أول فاعليات ملتقى أسوان عاصمة الشباب الأفريقي، وأول خطوة بالبرامج الداعمة للدور الإيجابي الذي تقوم به جمهورية مصر الشقيقة اتجاه القارة الأفريقية، من أجل تشجيع الإبداع و الإبتكار بهدف خلق مبادرات و مشاريع شبابية جديدة، وتفعيل دور الشباب وإدماجهم في العمل التنموي والمجتمعي، وتقوية مهارات وقدرات الشباب حول إدارة المشاريع.
ماهي أهمية هذا الملتقى؟
هذا الملتقى هام للغاية لأنه يعكس إرادة سياسية لمصر لخدمة قضايا الشباب الإفريقي وجاء تنظيمه في غضون أسابيع بعد تسلم مصر لرئاسة الإتحاد الإفريقي، ويشكل الشباب أكثر من 60 بالمائة من ساكنة القارة إلافريقية و هو ثروة ديموغرافية هامة يجب الإستثمار فيها، كما أن الاتحاد الإفريقي يولي أهمية الشباب من خلال تعيينه مبعوثة للاتحاد الإفريقي في الشباب و إقراره الإعداد لسياسة قارية للشباب، وسيشكل هذا الملتقى الخطوة الأولى للتشبيك بين الشباب و الجمعيات الشبابية المشاركة، هذا بالاضافة إلى الإستفادة من تجارب المشاريع المقدمة من طرف الشباب.
ماهي مواضيع و نوعية المبادرات التي تم تقييمها و ماهي معايير لجنة التحكيم؟
انتهت لجنة التحكيم من دراسة 31 مشروع من 19 دولة أفريقية واختارت المشروعات الفائزة من الكاميرون ، الكونغو ، مالاوي اضافة الي جائزة خاصة من لجنة التحكيم لمشروعات من السودان ومصر. و تتعلق معظم المبادرات بمجال البيئة والصحة والمقاولة والثقافة والمبادرة المجتمعية والتعليم، ومعظمها مواضيع تشكل أولوية لدى الاتحاد الإفريقي وهي عرضانية في سياسات الشباب. وقد ركزنا في تقييم هاته المشاريع على نسبة الإبداع، وطريقة إدارة المشروع، فعاليته و الأثر المجتمعي الذي خلقه المشروع، و مالية المشروع، وسائل تتبع و تقييم المشروع و مدى استدامته وقابليته التعميم على باقي الجهات. لقد سبق أن خضت تجربة مماثلة كعضو لجنة تحكيم جائزة الملك عبدالله الثاني للتميز و الإبداع الشبابي إضافة إلى العديد من مبادرات المشاريع بالمغرب ودول أخرى و يمكنني القول أن القارة الإفريقية تزخر بطاقات شبابة مبدعة، لها مبادرات نوعية و إرادة للمساهمة في التغيير الإيجابي إلى جانب صانعي القرار، لكن يجب مساعدة هؤلاء الشباب و مواكبتهم بالدعم الثقني و المالي لتحقيق مشاريعهم.
ماهو الدور اللذي يجب أن يلعبه الشباب اليوم على مستوى القارة الإفريقية و ماهي سبل تعزيز التواصل و التشبيك بينهم؟
إن الشباب اليوم له أولوية قصوى في السياسات الأممية والقارية على مستوى الاتحاد الإفريقي إذ لا يمكن إلا أن ننظر للشباب كشريك حقيقي في عجلة التنمية، لكن إذا أردنا أن نتحدث عن أدوار الشباب لا يمكننا أن نفعلها بمعزل عن الاصلاحات التشريعية و السياسية التي تمكن الشباب من القيام بتلك الأدوار. و بالرغم من أن العديد من الدول الإفريقية أنجزت سياسة عمومية أو استراتيجية للشباب فإن تلك الأخيرة مازالت تعرف تعثرا على مستوى التنفيذ، إذ يجب أولا دسترة حقوق الشباب و إقرار قانون الشباب و مؤسسات تعنى بقضايا الشباب و فضاءات تسمح للشباب بأن يكون قوة اقتراحية و أن يبادر بمشاريع تساهم في حل المشاكل التنموية خصوصا المحلية التي يعيش فيها أو ثؤتر عليه بشكل مباشر ليكون بدوره متملكا لحلوله و أن يكون قائدا للتغيير بدلا من أن يكون شاهدا عليه، يجب على الشباب أن يكون منتجا للسياسات بدلا من استهلاكها لضمان مساهمته في تنزيلها و تقييمها لضمان استمراريتها و استدامتها. و لضمان تشبيك مستمر بين الشباب و الهيئات الشبابية، يجب تعزيز اللقاءات القارية و الإقليمية الموضوعاتية و تطوير آليات و ميكانيزمات تشجع على ذلك بشكل ممأسس.
وعلى سبيل المثال أطلقنا في مركزنا مبادرة “افريقيا بيتنا” سنة 2017 بتانزانيا و هي مبادرة شبابية تم استلهامها من خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة رجوع المملكة المغربية للاتحاد الإفريقي وهذه رؤيا استشرافية تفيد تنمية إفريقيا ترتكز على الاستثمار في العنصر البشري بحيث يتم تمكين الشباب الإفريقي على الخصوص لإعداد مبادرات من الأفارقة تراعي الخصوصيات المحلية و الثقافية، وهذا يتطلب سياسات تشاركية تشارك جميع الأطراف في تملك حلول محلية لإشكاليات تنموية بدل الاعتماد على الدعم الأجنبي، هذا بالإضافة إلى الاستثمار في الطاقات الشابة الإفريقية للبقاء أو العودة لبيتها إفريقيا من أجل المساهمة الفاعلة في تنمية القارة.ولدينا طاقات بشرية هامة بإفريقيا يجب تعزيزها و تشجيعها على بناء قارة متماسكة موحدة تنافسية تعتبر شريكا استراتيجيا لباقي الدول.
هذه الفكرة تم اعتمادها خلال القمة الافريقية الرابعة للعمل الانساني التي نضمها المركز الدولي للدبلوماسية بالمغرب بشراكة مع المركز الإفريقي للريادة و التنمية المقاولاتية بنيجيريا الذي حضرها هيئات سياسية، ومدنية، وحقوقية، وحكومية من 42 دولة افريقية و نأمل من خلال هذا الملتقى أن نعمم هذه الرؤيا مع الشباب الإفريقي المشارك و أن تكون انطلاقة لعمل مشترك مع هاته الفعاليات على المستوى الإفريقي، و نعمل الآن على أكاديمية لتكوين الشباب الإفريقي في مجالات الريادة، التطوع، الترافع الدولي، والدبلوماسية وإدارة المشاريع.
هل بنظرك الملتقى منصة للحوار بين الشباب و ماهو ثأثيره على بناء القارة الإفريقية؟
القارة الإفريقية مختلفة بشساعتها الجغرافية و تنوعها الثقافي و اللغوي و هذا يتطلب تعزيز حركية و تنقل الشباب بين الدول الإفريقية من خلال ملتقيات إقليمية و قارية تساهم في تقاسم التجارب و خبرات نوعية و مبتكرة. هذا بالإضافة إلى تسهيل بناء شراكات مستدامة بين مختلف الهيئات المدنية و السياسية و الاقتصادية من أجل المساهمة بطريقة تشاركية و تنموية للقارة الإفريقية. و من المؤكد أن مثل هذا الملتقى إذا تمت مأسسته و تعميمه على باقي المدن الإفريقية سنساهم في خلق منصات و فضاءات لابتكار حلول محلية و قارية للمشكلات التنموية اللتي تعرفها قارتنا.
ماذا تنتظر القارة من مصر خلال رئاستها للاتحاد الإفريقي؟
من المؤكد أن هناك تطلعات كثيرة للقارة من رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي في ظل وجود تحديات ورهانات قارية معقدة و حرجة على رأسها قضايا السلم و الأمن و التنمية الاجتماعية والاقتصادية و تعزيز صوت إفريقيا في القرارات الأممية. و قد أعلنت مصر عن أجندتها لمعالجة هاته القضايا. لكنني أراها مسؤولية جل الدول الإفريقية و تتطلب تظافر الجهود و التعاون المشترك و المستمر خصوصا في قضايا محاربة الفساد و الإرهاب و حل النزاعات في إطار إحترام سيادة الدول الأفريقية. و يمكن لمصر في إطار المبادرات التي تقوم بها حاليا من أجل دعم قضايا الشباب الإفريقي أن تعزز دوره في حل هاته القضايا الشائكة باعتباره ضحية الإشكاليات التنموية و الأمنية و كذلك فاعلا أساسيا في حل هاته القضايا التي تمسه بصفة مباشرة. يمكننا القول اليوم أن الإرهاب هو ظاهرة تمس كل الدول والتطرف الذي يؤدي إلى العنف اللفظي و الجسدي و الإرهاب الفكري و غيرها من أنواع التطرف هو موجود بيننا في كل المجتمعات و لا يعرف دينا أو عرقا أو لونا أو جنسية معينة. ومحاربته تتطلب استراتيجية شمولية لا تعتمد فقط على المقاربة الأمنية و إنما على المقاربة التنموية و إصلاح الحقل الديني و المناهج الدراسية و تخليق الحياة العامة لنبد ثقافة الحقد و الكراهية من أجل محاربة العنف خصوصا في أوساط الشباب اللذي يجب أن ينظر له كجزء من الحل و ليس كمشكلة و أن نمكنه من الآليات و الوسائل الضرورية ليكون فاعلا حقيقيا في المجتمع و يساهم بدوره في صناعة السياسات العمومية لبلده. و ملتقيات كالملتقى الأفريقي هو فرصة للدعوة لتعزيز ثقافة التسامح بين الشعوب الإفريقية و التعايش المشترك و التصدي للفكر المتطرف في أي مذهب او دين، ففي كل الأحوال الإنسانية تجمعنا.
ماذا عن الأجندة الإفريقية 2063؟
الأجندة الإفريقية 2063 هي ورش مفتوح للعمل و الإبتكار و الإبداع. نحن كمركز دولي الدبلوماسية، أطلقنا من المغرب من خلال مبادراتنا “افريقيا بيتنا” حملة شبابية إفريقية لتلقي 63 فكرة و إجراء لتنزيل هاته الأجندة لتجيب على التطلعات السبع للقارة. “افريقيا التي نريد” هو مشروع طموح للإتحاد الإفريقي في أفق 2063 لإستثمار و إحياء الأواصر الأفريقية، افريقيا التي نريد هي قارة متكاملة اقتصاديا ، موحدة و متحدة وسياسيا، تسودها الحكامة الرشيدة والديمقراطية و حقوق الانسان ، قارة آمنة بدون صراعات! طموحنا كشباب ليس من من المستحيلات فنحن نشكل 90%من احتياطات الموارد بالعالم ، و شبابنا من أهم ثرواتنا، نعمل من أجل تعزيز مشاركته رجالا و نساء في تنمية اجتماعية و اقتصادية من، مع و من أجل مواطن إفريقي متشبت بجدوره لكنه كوني يتفاعل مع قضايا العالم و يرقى بقارته لتكون شريكا اقتصاديا و تنمويا استراتيجيا.
أملنا أن نجعل أحلامنا حقيقة و نطلق هاته المبادرة للتفكير الجماعي حول كيفية تنزيل هاته الأجندة. و نتمنى من مصر في إطار رئاستها الإتحاد الإفريقي أن تعمل على تشجيع المبادرات اللتي ترمي إلى تنزيل هاته الأجندة.
Comments