تحاول السلطة الجزائرية التخفيف من انعكاسات الحملة الأخيرة ضد تونس وموريتانيا ومزاعم التمهيد لتطبيعهما مع إسرائيل، عبر الاستعانة بالإخوان، فضلا عن مراجعة الخطاب السياسي والدبلوماسي، وهو ما وضعها في وضعية محرجة أمام الشارع.
"دولة عربية وظيفية أينما حلت حل الدمار والخراب" الجزائري بن قرينة يتهجم من جديد على دولة الإمارات العربية الشقيقة
أمام ارتداد مفعول الحملة التي شنتها دوائر سياسية وإعلامية جزائرية ضد كل من تونس وموريتانيا، بدعوى التمهيد للتطبيع مع إسرائيل بإيعاز من دولة عربية، أوكلت السلطة الجزائرية مهمة التملص من مزاعم الحملة إلى أحد أدواتها التي تراجعت عن تحذيراتها السابقة، وعلقت الشماعة على سوء الفهم والتأويل الخاطئ.
وعزت السلطة الجزائرية مهمة التراجع عن الحملة التي شنتها دوائر سياسية وإعلامية، محسوبة على واحد من الأجنحة الفاعلة في القرار السياسي والدبلوماسي، إلى رئيس حركة البناء الوطني ومرشح الانتخابات الرئاسية الأخيرة عبدالقادر بن قرينة، بغية الخروج من ورطة التصريحات والتقارير التي اتهمت دولة عربية بالضغط على تونس وموريتانيا من أجل التطبيع مع إسرائيل.
وتحملت السلطة وزر الورطة، رغم عدم صدورها في قالب رسمي، باعتبار أن بن قرينة هو حليف إخواني لها، ووسائل الإعلام التي تناولت المسألة محسوبة في المطلق عليها أيضا، وعلى جناح بعينه غير معلوم، الأمر الذي يكرس عدم انسجام جلي بين أوتار الدبلوماسية الرسمية والحزبية والإعلامية.
وكانت صحف ومواقع إخبارية، قد نشرت تقارير خلال الأسابيع الأخيرة، تتحدث عن استغلال الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في تونس وموريتانيا من طرف دولة عربية نافذة، من أجل دفعها إلى الانخراط في مخطط التطبيع مع إسرائيل، بينما وجه عبدالقادر بن قرينة، في تصريح له تحذيرات صريحة لسلطات بلاده من أجل التفطن للمخطط الذي يستهدف تمديد التطبيع إلى عمق الجزائر الإستراتيجي.
غير أن جناحا معتدلا في السلطة، سارع لاحتواء الأمر الذي دفع إليه جناح آخر عبر وسائل إعلام محلية وزعيم إخواني، في إطار توجه يرمي إلى إيقاع البلاد في المزيد من المتاعب الدبلوماسية مع العمق العربي والإقليمي، حيث جرى الإيعاز مجددا لنفس الشخصية الحزبية من أجل التراجع عما صرحت به سابقا، ولا يستبعد أن تأتي نفس وسائل الإعلام بتقارير منافية لما أوردته في السابق.
وعاد عبدالقادر بن قرينة، في منشور له على صفحته الرسمية في فيسبوك، ليعلق الشماعة في سوء الفهم والتأويل على ما أسماه بـ"أبواق المخزن التي عمدت إلى تشويه وتأويل تصريحاته حول الأزمة الحاصلة داخل دولة النيجر الجارة، وفي المحيط الإقليمي للبلاد".
لمعرفة طينة الساسة ممن يدجنون الجزائريين في الجارة الشرقية، وإلى أي فصيلة ينتمون من "الحيوانات" السياسية، تكفي العودة إلى "عبد القادر بن قرينة" رئيس "حركة البناء الوطني" في الجزائر، كنموذج للضباع التيتنهش كل شيء كرمى للـ"كابرانات".
وبعدما لم يترك شيئا لم يقله "عبد القادر بن قرينة" في حق موريتانيا وتونس، مبررا بذلك تسلطه على دولة الإمارات العربية الشقيقة، والهجوم عليها كونها تهندس لتطبيعهما قريبا مع إسرائيل، عاد "الضبع" الإسلاموي، ليحاول رتق كلامه بعدما تلقى تعليمات ذلك، وبعدما انقضى الغرض من كلامه ألا وهو استدراج تونس من جديد لحظيرة العسكر.
وبكل الجبن المجبول به، تراجع "عبد القادر بن قرينة" رئيس حزب البناء الوطني الجزائري، عن تصريحاته بأن وجود نوايا لتطبيع مرتقب بين تونس وإسرائيل، وهو التراجع الذي أملته تعليمات تلقاها من لدن أسياده، بعد زيارة "نبيل عمار"، وزير الخارجية التونسي إلى الجزائر مبعوثا خاصا من "قيس سعيد" الرئيس التونسي إلى نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، وهي الزيارة التي فسرها الإعلام الجزائري كونها جاءت لطمأنة الـ"كابرانات" أن تونس منقادة لهم.
وذكر في منشوره "لقد حاولت قبل أيام بعض الأبواق المحسوبة على المخزن المغربي وإعلان كيان وظيفي نفخ نار الفتنة بين الجزائريين وأشقائهم الموريتانيين والتونسيين من خلال تشويه بعض تصريحاتنا التي جاءت في سياق حوارنا مع الصحافة الجزائرية، على هامش ندوة سياسية متعلقة بالأزمة النيجرية وأثرها السلبي على أمن واستقرار منطقة المغرب العربي".
وأضاف “كنا قد حذرنا الموريتانيين من مخاطر الاستجابة لضغوط وابتزاز بعض الكيانات الوظيفية التي تحاول دفع المنطقة كلها نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني. واكتفى تصريحنا بنصح ودعوة الجهات الرسمية في الدولة الموريتانية إلى تفنيد وتكذيب الخبر المتداول، مثلما فندوا من قبل خبرا مماثلا له، رغم قناعتنا في الحركة بأن مسار التطبيع لا ينسجم مع المسار السياسي للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية".
وقال المتحدث "إن حركة البناء الوطني تؤكد الاحترام الكامل لسيادة دولته وعدم تدخلنا في شؤونها الداخلية، وكذلك الحرص الشديد والمشفق على استقرارها وتماسك مكوناتها، والدافع لتصريحنا هو شعورنا بواجب النصح لأشقائنا من جهة، وقبول النصح منهم من جهة أخرى، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا تمس باستقرار المنطقة ككل".
وتابع بن قرينة “وهو نفس الإشفاق والتخوف اللذين أبديناهما بخصوص الشقيقة تونس خاصة بعد رصدنا لتصريحات من قيادات نقابية وشخصيات مقيمة في تونس تتكلم عن تنامي أنواع من التطبيع، فالدافع لتصريحنا كذلك هو الإشفاق على الشقيقة تونس حتى لا تقع تحت طائلة ابتزاز بعض الجهات التي لا تريد الخير للأمة العربية عموما ومنطقتنا المغاربية خصوصا، مستغلة بكل أسف أوضاع عدد من أقطارنا لمحاولة الدفع بها نحو خيارات تتنافى مع خيارات شعوبها وخيارت بعض الأنظمة، ورغم تثميننا الكبير لتصريحات سابقة للرئيس قيس سعيد رافضة للتطبيع".
وجاءت تصريحات بن قرينة المنافية لما ذكره في وقت سابق، متزامنة مع الزيارة التي قام بها وزير خارجية تونس نبيل عمار إلى الجزائر، حيث استقبل من طرف نظيره الجزائري أحمد عطاف، ومن طرف الرئيس عبدالمجيد تبون، الأمر الذي اعتبر تصويبا دبلوماسيا من طرف السلطة الرسمية، على ما بدر من جناح يبادر خلف الستار بخلط الأوراق.
وجاء في بيان للخارجية التونسية، أن "الوزير نبيل عمار، دعا إلى تعزيز التعاون مع الجزائر في المجالات كافة وترسيخ التشاور حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك". وأضاف "اتفق الطرفان على ضرورة استنباط آليات تعاون ثنائي جديدة تستجيب إلى التطلعات المنتظرة لقيادتي البلدين والشعبين الشقيقين، بما يسهم في إدخال المزيد من الديناميكية على التعاون الثنائي، وتبادلا وجهات النظر بشأن المستجدات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية".
وشدد بن قرينة في رده على نفسه، على أن “حركة البناء الوطني تؤكد أن بعض التحركات المريبة لهذه الكيانات الوظيفية، جعلت من حقنا أن نبدي مخاوفنا منها خاصة حين تتزامن هذه التحركات مع توتير كل المنطقة في المغرب العربي وآخرها الاقتتال الذي اندلع في ليبيا الحبيبة في هذين اليومين، والذي يدعم هدف إشاعة الفوضى والفلتان لمصلحة قوى الشر في المنطقة، وقد حاول إعلام هذا الكيان الوظيفي النفخ لمحاولة تسميم العلاقة بين الجزائر وتونس، تلك العلاقة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال المساس بها، لأنها علاقة ارتبطت بتاريخ ومصير مشترك ودماء ممتزجة في ساقية سيدي يوسف.. وغيرها”.
"دولة عربية وظيفية أينما حلت حل الدمار والخراب" الجزائري بن قرينة يتهجم من جديد على الإمارات
コメント