في وقت نبهت الهيئات المالية الدولية إلى الارتفاع المتزايد لقيمة الدين العمومي، حيث توقع صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له بلوغ الدين العمومي الجزائري نحو 29 مليار دولار أو ما يعادل 18.3 في المائة من الناتج المحلي الخام، تعترف حكومة أحمد أويحيى عن جهلها للقيمة الدقيقة للدين العمومي، حيث يتجه الوزير الأول إلى دعوة الولاة لتحديد قيمة الديون المترتبة عن كافة المشاريع والالتزامات المتصلة بالسلطات العمومية.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن الحالة الجزائرية تتضمن عددا من الكوابح التي تحول دون تحديد دقيق للدين العمومي، على رأسها سيادة السوق الموازية، هذا الأخير يلعب دور صمام في فترات الأزمات، كون الفاعلين في هذه السوق يحوزون على إيرادات ومداخيل غير خاضعة للضرائب وخارجة عن دائرة الرقابة الجبائية، وهو ما يسمح بصورة أو بأخرى بالإبقاء على مستويات للاستهلاك، وحتى الاستثمار.
ورغم ذلك، فإن المؤشرات المتوفرة تشير إلى ارتفاع مستوى الدين العمومي أو على الأقل بقائه في مستوى عال، في وقت يرتقب أن يرتفع مستوى الدين العمومي أكثر مع الإجراءات المرتقب اتخاذها على أساس القروض التي ستحصل عليها الخزينة العمومية لدى بنك الجزائر، وعملية طباعة المزيد من الأوراق النقدية وما يترتب عليها من تضخم.
ووفقا للتقديرات الإحصائية المقدمة من قبل صندوق النقد الدولي، فإن قيمة الناتج المحلي الخام الجزائري بلغت حوالي 156.1 مليار دولار عام 2016، وقدر الدين العمومي سنة 2015 بـ8.8 في المائة من الناتج المحلي الخام، بينما بلغ 21.0 في المائة سنة 2016، ثم يتوقع بلوغه هذه السنة 18.3 في المائة، و19.3 في المائة سنة 2018.
البترول … نعمة أم نقمة!؟
البترول قد يكون نعمةً ونقمةً في نفس الوقت، إلا أنه في البلدان ذات الثروات الطبيعية الهائلة كالجزائر، قد أصبح نقمة، وذلك بفضل السياسات المنتهجة، والأداأت المتغيرة، رغم أنه هبة ونعمة إلهية، كان يفضل أن يحسن استغلالها بأن تكون أحد العوامل للتنمية والإزدهار، وليس عاملاً أساسياً لشراء الاستقرار والتنمية والرقي الافتراضي وخلق الفتن و دعم العصابات…فالبترول، كشف عورات النظام وسياسته العرجاء العوجاء.
الجزائر العاصمة
دبي: الإمارات العربية المتحدة
الدوحة: قطر
وبناء على ذلك، فإن قيمة الدين العمومي الجزائري تقدر بالنسبة للسنة المرجعية أي 2016 بـ32 مليار دولار، ويتوقع بلوغها 28.5 مليار دولار هذه السنة. وبررت الهيئة الدولية الارتفاع المحسوس للدين العمومي بعمليات دعم من الدولة لمؤسسات العمومية، مع ملاحظة نضوب الادخار المتصل بالميزانية، لاسيما بعد اعتراف الحكومة بنضوب صندوق ضبط الإيرادات في سبتمبر 2017، لتشير إلى أن هدف السلطات الجزائرية يكمن في الإبقاء على مستوى الدين العمومي في سقف يقل عن 30 في المائة لتفادي مضاعفات كبيرة، خاصة أنها تمتلك هوامش حركة من خلال ضعف المديونية الخارجية المقدرة بنحو 3 ملايير دولار.
ومع ذلك، فإن صندوق النقد الدولي حذر من سيناريوهات تفاقم الدين العمومي الجزائري عبر مشهد بديل يتوقع فيه بلوغ الدين العمومي هذه السنة 21.2 في المائة أي ما يعادل 32.7 مليار دولار، ثم 25.9 في المائة في 2018 و31.0 في المائة في 2022، معتبرا أن اللجوء إلى عدة بدائل وخيارات في مجال التمويل هو أفضل البدائل بالنسبة للجزائر لضمان توازن في ميزانيتها، فالدولة هي السائدة في الدائرة الاقتصادية وهي التي تقوم بإعادة رسملة البنوك ومسح الديون وضمان النمو عبر النفقات العمومية وتقديم الدعم للمؤسسات العمومية لدرء الفارق بين الأسعار الحقيقية للسوق والأسعار المدعمة.
وكشف صندوق النقد الدولي أنه ما بين 1991 و2012 قدرت عمليات الخزينة العمومية لدعم البنوك العمومية بـ14.8 في المائة من الناتج المحلي الخام في 2012 أي ما يعادل 23.1 مليار دولار.
بالمقابل، فإن معطيات بنك الجزائر تشير إلى بلوغ الناتج المحلي الخام للجزائر سنة 2014 ما قيمته 17205.1 مليار دينار أو ما يعادل 152.911 مليار دولار مقابل 16679.2 مليار دينار أو ما يعادل 148.237 مليار دولار. وبلغ الدين العمومي، حسب تقدير بنك الجزائر، 7 في المائة سنة 2013 مقابل 7.2 في المائة سنة 2014 أي أن الدين العمومي قدر بـ10.37 مليار دولار سنة 2013 و 11.009 مليار دولار سنة 2014، ومع ذلك فإن مؤشرات تفاقم الدين قائمة، خاصة مع مواجهة الحكومة ضغوطا متعددة تجلت في عدم القدرة على تسديد مستحقات الشركات، خاصة في قطاع البناء ضمن مشاريع أسندت لمؤسسات خاصة وأجنبية، ناهيك عن اعتراف الحكومة بصعوبة الوفاء بكافة الالتزامات.
مع: المصدر
Comments