top of page
Photo du rédacteurAA

“أفريكوم” ودورها في تعزيز الأمن بالقارة السمراء..(المغرب الكبير، الساحل والصحراء نموذجا)


“أفريكوم” ودورها في تعزيز الأمن بالقارة السمراء..(المغرب الكبير، الساحل والصحراء نموذجا).


الحسين اولودي * باحث في الجغرافيا السياسية.

“أفريكوم” أسباب نشأتها ومهامها بالقارة السمراء..

في ظل تسارع الأحداث في الساحة الدولية تواتر التحولات الجيوسياسية وتصاعد وتيرة التحديات الأمنية عبر العالم .وكمنطلق حديثنا عن التواجد الأمريكي بالقارة الإفريقية وجب التذكير بسياق هذا التواجد بالرجوع لتاريخ تأسيس هاته القوات والذي يعود بنا إلى فبراير من العام 2007 حيث الإعلان الرسمي عن ولادة ” أفريكوم”. فبعد التأسيس وبدأها رسميا مهامها ونشاطها في أكتوبر 2008، فقد تم تقسيم تواجدها إلى خمس مناطق إقليمية بعد تحديد مهامها المجالية بالأساس في : زيادة التعاون الأمني والشراكة مع دول القارة السمراء ، وإعطاء المزيد من الفاعلية والمرونة للولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع الأزمات والمخاطر الأمنية المحتملة بربوع القارة. وفي هذا الصدد قبل الخوض في ثنايا المكاتب الإقليمية للقوات الأمريكية في إفريقيا وجب التذكير كذلك بالأسباب الدافعة لتكوين ” أفريكوم ” والتي عزاهتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى: مواجهة الإرهاب الدولي بالصحراء الكبرى لإفريقيا، ثم تزايد الإعتماد الأمريكي على المصادر الكافية بالقارة السمراء، بالإضافة إلى زيادة الضغوط قوات ” كينتكوم”(القيادة المركزية) و “إيكوم”(القيادة العسكرية في أوروبا ) بسبب دخول أمريكا في حربي أفغانستان و العراق، والسبب الأخير متعلق بمخاوف نمو العلاقات بين الصين والدول الأفريقية . وبالرجوع إلى توزيع مكاتب قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا، فهي مقسم إلى: مكتب شمال إفريقيا ويضم دول هاته المنطقة الجغرافية لشمال القارة.ومكتب غرب أفريقيا ويوجد مقر قاعدته بمنطقة ” أغاديس” وسط النيجر وهي القاعدة الأمريكية التي يتم إطلاق طائرات دون طيار ” درون” للاستطلاع والمراقبة لما تعرفه المنطقة من نشاط للجماعات المسلحة وتفشي أشكال الجريمة المنظمة ومخاطر الإرهاب الدولي. كما يوجد مكتب وسط أفريقيا، إذ توجد القاعدة الأمريكية بمنطقة ” غاروا” شمال الكامرون. بالإضافة إلى مكتب الشرق والقرن الأفرقي والذي يعرف أكبر تواجد للقوات الأمريكية في إفريقيا بما يناهز 2000 جندي وضابط بدولة جيبوتي وبالظبط في منطقة “كامب ليمونيه ” وتجدر الإشارة إلى أن هذه القاعدة هي الوحيدة الدائمة بأفريقيا.إلى جانب المكتب الأخير والمتموضع جنوب القارة. والتذكير فقط، وبلغة الأرقام فعدد جنود القوات الأمريكية بدول جنوب الصحراء وبدول أخرى تمتد من غرب القارة إلى شرقها نجد: 56 جندي وضابط بدولة أوغندا،و 100 جندي وضابط بدولة الكامرون، و 400جندي وضابط بالصومال وضعف هذا العدد بدولة النيجر ،فيما نجد 2000جندي وضابط بدولة جيبوتي كما أسلفت الذكر في الفقرة السابقة.

المغرب الكبير وتداعيات المخاطر الأمنية.. تونس .. بالرجوع إلى مكتب شمال إفريقيا، لابد من الإشارة في هذا الصدد إلى التحركات الأخيرة التي شهدتها وتشهدها هذه الرقعة الجغرافية على جميع الأصعدة، وبجميع دول شمال إفريقيا نبدأها من تونس، حيث عرف قصر قرطاج استقبال قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا السيد ” ستيفان تونساد” من طرف السيد ” قيس سعيد” رئيس الجمهورية التونسية المنتخب ،حيث تناول الطرفان سبل تعزيز التعاون الثنائي بين تونس و الولايات المتحدة الأمريكية في كل المجالات ولاسيما الجانب العسكري ومكافحة الإرهاب حسب بيان الرئاسة التونسية في شتنبر الماضي.

ليبيا.. وفي السياق ذاته، أجرى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية في يونيو من العام الجاري، مباحثات مع قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا بحضور السفير الأمريكي بطرابلس، حيث -تباحثا- حول المخاطر الأمنية بليبيا ومحاربة الإرهاب، وكذا التطورات الميدانية بالساحة الليبية والوجود العسكري الروسي في ليبيا -غير المرغوب فيه أمريكيا- . وخلص اللقاء بالإتفاق مع قيادة ” أفريكوم ” من جهة و رئيس مجلس حكومة الوفاق من جهة ثانية، على إتمام و مواصلة الجهود المبذولة لمواجهة التحديات التي يمكن أن تعصف بالبلاد أكثر، وعلى رأسها محاربة الجماعات المسلحة الإرهابية، في إطار التعاون الإستراتيجي بين الولايات المتحدة الأمريكية وليبيا وكذا التطورات الأمنية والعسكرية القائمة على الأرض الليبية وسبل تحقيق الأمن والإستقرار.

المغرب.. وبالنسبة لبلدنا المغرب وبالإضافة إلى المعطيات التاريخية المتعلقة بعمق وعراقة العلاقات المغربية-الأمريكية، والحديث عنا عن ما يزيد عن قرنين من الزمن. ضف على هذا كون المملكة شريك استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية بفضل موقع المغرب الجيوسياسي المتميز واستقرار الوضع الأمني والسياسي عكس ما حدث لو يحدث ببعض بلدان شمال إفريقيا…كل هذا يزيد من احتمال نقل المركز الرئيسي ل”أفريكوم” من ثكنات كلي ب”شتوتغارت ” الألمانية إلى جنوب المملكة خاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء عبر القرار الرئاسي الذي أصدره دونالد ترامب من العشر من دجنبر الجاري. هذا الطرح المحتمل، يمكن أن يعزز بما سبقه آنفا من مجموع المناورات العسكرية ” الأسد الأفريقي” بضواحي مدينة ” طانطان ” جنوب البلاد، والتي جمعت القوات المسلحة الملكية و القوات العسكرية الأمريكية. كما وجب التذكير في هذا الشأن كذلك بالطلب تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية الرامي إلى السماح بإستقبال المغرب للقاعدة الأمريكية و الذي رفضه المغرب سنة 2008 أي بعد سنة من تأسيس ” أفريكوم ” بسبب تدخل أمريكا وقتها في حربي أفغانستان و العراق. ومن باب التذكير دائما، لا يجب إغفال معطى يكتسي أهمية بالغة ،والمتعلق بدولة السنغال ودخول على الخط باستقبال القوات الأمريكية وهي فرضية محتملة جدا ، خاصة بعد مصادقة البرلمان السنغالي على مشروع قانون يفتح الباب أمام تواجد القوات العسكرية الأمريكية على التراب السنغالي بشكل دائم لمواجهة مختلف التحديات الأمنية، وتحذو بهذه الخطوةحذو جيبوتي في القرن الإفريقي.

ختاما.. كخلاصة لكل ما سبق، فالتحديات الأمنية والمخاطر الأمنية المحتملة المحدقة بالمنطقة المغاربية من جهة ، وبالغرب الإفريقي و منطقة الساحل من جهة ثانية،و نقصد هنا : الهجرة غير الشرعية و الإتجار في البشر، التهريب الدولي للممنوعات من بنزين و سجائر و أسلحة يمكن أن تصلح للجماعات النشطة على طول الساحل والصحراء الكبرى، بالإضافة إلى الإتجار الدولي في المخدرات -ونتذكر هنا مت وقع بموريتانيا سنة 2007 وتداعيات تلك العملية المعروفة إعلاميا ب” طائرة أنواديبو “. كل هاته الأحداث على اختلاف أشكالها وأسباب استفحالها، عجلت بتعزيز الأمن الدولي والتعاون بين بلدان شمال إفريقيا بشكل عام وباقي الدول الإفريقية من شرق القارة السمراء إلى غربها ،نظرا للمد الخطير الذي تعرفه نشاطات الجماعات الإرهابية بمالي، النيجر، بوركينا فاسو، الجزائر ، ليبيا ،النغرب ،تونس ،السنغال،إفريقيا الوسطى….إلى غيرها من البؤر الإرهابية بالقارة الإفريقية . زد على ذلك تجارة الممنوعات بالصحراء الكبرى لإفريقيا بما فيها السلاح المهدد الحقيقي للأمن والإستقرار بكل بقاع العالم وما ينتج عنه من انتشار حروب العصابات المسلحة كجماعة البوليزاريو على الأراضي الجزائرية الحاضنة لها والداعمة لها بالملايير من أجل زعزعة استقرار الجيران وجر المنطقة إلى حرب إقليمية كانت خطوة عصابة البوليزاريو بإغلاق معبر الكركرات الحدودي بين المغرب و موريتانيا بداية لها لولا تدخل الدرك الحربي التابع للقوات المسلحة الملكية لتطهير المنطقة وإعادة حركة نقل الأشخاص والبضائع إلى المعبر. كل هاته التحولات وما لها من تداعيات مرافقة بالتوازي لا يجب أن نغفل نقطة مهمة تتجلى في الصراع الخفي الظاهر بين روسيا وحلفائها من المعسكر الشرقي و أمريكا وحلفائها بالإضافة إلى تركيا وسعيها إلى استرجاع أمجاد الإمبراطورية العثمانية..كل حلف يسعى لبسط الهيمنة وحماية مصالحه وإبراز قوته الإقليمية وقيادة العالم في ظل المد والجزر الذي تعرفه الخارطة الدولية، سياسيا، أمنيا، إقتصاديا و إجتماعيا، وفي ظل بروز مظاهر النظام العالمي الجديد بعد كورونا والموجة الثانية تلوح في الأفق مع بداية العام الجديد 2021. * الحسين اولودي/ باحث في الجغرافيا السياسية.

1 vue0 commentaire

Comments


bottom of page