top of page
Photo du rédacteurAA

“أزمة” الريف.. من أجل حل سياسي لمصلحة الوطن نوفل البعمري

“أزمة” الريف.. من أجل حل سياسي لمصلحة الوطن

نوفل البعمري

في مقالة سابقة، دعت إلى “مبادرة لطي ملف الحسيمة”، كانت مناسبة لفتح حوار ونقاش مع وجه نسائي من وجوه الحركة الاحتجاجية في الحسيمة، خلصتْ إلى أن ما كتبته جيد، وتساءلت: لكن، كيف يمكن طي الملف، وكيف يمكن لهذه المبادرة أن تنجح؟

السؤال إشكالي، والإجابة عليه ليس سهلا مهما كانت هناك نيات حسنة من هذا الطرف أو ذاك، فأن نطوي هكذا الملف بسرعة أو بجرة قلم، قد يكون حمّال نوايا حسنة، أو بالرغبة في أن يعود الجميع للقيام بعمله ونشاطه الطبيعي، لكن المؤكد أنه ليس من السهل أن تُطلَق مبادرة أو يُعلن عن نوايا ويكون مآلها النجاح، وإلا لكانت المبادرات السابقة أنهت الأزمة في بداياتها، ولما وصلت المنطقة والوضع لما هو عليه من احتقان نفسي وميداني.

إقرأ أيضا:↓↓↓


لقد قال القضاء كلمته بناء على ما توفر لديه من معطيات، ومهما اختلفت توصيفات الأحكام بأنها قاسية أو جائرة أو ظالمة، أو حتى من يعتبرها مخففة أو متناسبة مع الأفعال، التي توبع من أجلها المتهمون، فإن هذا المسار لن يتوقف، وسيستمر في المرحلة الاستئنافية، وستكون مناسبة لإعادة مناقشة الملف في مجمله، ثم النقض كمرحلة وكدرجة أخيرة، وهو مسار يعلق أغلبنا عليه أملا، دون أن تكون هناك معطيات كافية، خاصة على المستوى الإجراءات المتخذة فيه، والشكل الذي تحرك به المتهمون في الجلسات، حتى يمكن إعطاء حكم نهائي حول الملف.

لكن يبقى أن هناك مسارات أخرى خارج القضاء وردهات المحاكم، قد تنهي مع الوضع الحالي وتعيد المنطقة ككل لسابق عهدها، وهو مسار قد تكون مداخله سياسية أكثر منها قانونية، مداخل تسهم في وضع تصور للحل الشامل للملف، في إطار بلورة رؤية موحدة بين مختلف الأطراف. وهذا قد يكون واحدا من أسباب عدم تفاعل البرلمان بالشكل الذي كان منتظرا مع مقترح قانون حول العفو العام، لأنه مقترح كان دون أن تواكبه إجراءات سياسية، تعيد بناء وبعث الثقة بين مختلف الأطراف، خاصة الدولة والمعتقلين وقيادات الحركة الاحتجاجية، فكل طرف اليوم يعتبر أن أي تراجع منه “هزيمة”، خاصة إذا كان هذا التراجع من طرف واحد، والدولة تعتبر أن الأمر يتعلق بهيبتها، ولا يمكن المس بها أو تظهر بمظهر الضعف، والمحتجون، خاصة القيادات منهم، يعتبرون أن الأمر فيه كرامتهم، كما أن أغلبهم خضعوا لضغط نفسي ومازالوا خاضعين له، جعلهم بين نار استكمال الطريق، التي اختاروها أو دُفعوا لها، ونار التخوين. ويمكن الرجوع للوراء قليلا لنرى كيف أن بعض الأسماء تعرضت، في مرحلة من مراحل الحركة الاحتجاجية، إلى التخوين والهجوم الإعلامي وداخل وسائل التواصل الاجتماعي.

لذلك نحن أمام وضع واضح، فهناك من دفع إلى تَقابُل ثنائي “قاتل”: هيبة الدولة/كرامة المحتجين، قوة الدولة/ثورية المحتجين… ولا أحد دفع في اتجاه تسهيل تقريب وجهات النظر، مع تزايد حجم الأيادي، التي لعبت في الحركة الاحتجاجية، ودفعها لاتخاذ مواقف سياسية خاطئة من الناحية التكتيكية، برفضها للأحزاب والنقابات والجمعيات ووصفها بالدكاكين، ورفض أي دور لها في بدايات الحركة الاحتجاجية، ثم رفض الجلوس مع الوزراء، الذين توافدوا على المنطقة للاستماع للمحتجين، وهي أخطاء ساهمت في تأزيم الوضع، إلى جانب تأخر تفاعل الدولة مع المحتجين، وبطء تدخلها للاستماع لهم ولمطالبهم والنظر في الأسباب التي دفعت للخروج للشارع، بدءا من مقتل محسن فكري إلى لحظة انفجار الوضع باقتحام المسجد من طرف ناصر الزفزافي.

وما ذكر أعلاه من سرد لبعض الأخطاء لا يهدف إلى محاكمة أو تحميل المسؤولية لجهة على حساب أخرى، بل، على العكس، ينطلق من أن أي مبادرة إذا لم تعمد إلى تقديم قراءة نقدية لتحرك الحركة الاحتجاجية ولأسلوب تفاعل الحكومة مع المحتجين، والتخلص من أي علاقة عاطفية مع الحركة، وتجاوز الخوف من أي اتهامات بالخيانة، ستظل غير مجدية وفاقدة للمصداقية لدى طرف من الأطراف، فالمبادرة يجب أن تنطلق من التخلص من العاطفية، ومن التردد في تسمية الأشياء بمسمياتها، وتحديد مكامن الأخطاء بدقة، لإيجاد المخارج الممكنة، وإعطاء المصداقية لهذه المبادرة أمام مختلف الأطراف، وأن تعكس الواقع وتموجاته كما هو، لأن ذلك قد يدفع في اتجاه إيجاد مخارج أو مخرج للوضع، الذي لن يكون إلا سياسيا، بمبادرة سياسية تجاه مختلف الأطراف، تنطلق بإجراءات متبادلة لبعث الثقة، سواء من الحكومة أو المحتجين، وتدفع في اتجاه تنفيذ المشاريع والتسريع بها، على أن يقوم المعتقلون ببعض المراجعات الضرورية على مستوى الخطاب الموجه للدولة، والموقف منها ومن المؤسسات، وآليات الوساطة، التي يجب أن تكون جزءا من الحل، وتقتنع قيادات الحركة الاحتجاجية بالعمل من داخلها، وينتهي برفع طلب العفو إلى الملك، وقد يكون ذلك من المعتقلين أو من الحكومة أو هما معا، أو من مؤسسات الوساطة، ويتوج الأمر بالإفراج عن المعتقلين ليكونوا جزءا من تنفيذ المشاريع ومن بعث الثقة والأمل.

ليست هذه وصفة جاهزة، بل هي عناصر للتفكير، جاءت من خلال النقاش مع وجه من الوجوه النسائية للحركة الاحتجاجية، كان منطلقها السؤال حول بعث الثقة.

0 vue0 commentaire

Comments


bottom of page