هناك ثلاثة أنواع من النخب:
أولئك الذين يسعون لدفع المجتمع إلى الأمام؛
أولئك الذين يحكمونه؛
وأولئك الذين يُلهونه ويشغلونه.
النوع الأول هو نخبة العلم والفكر والفلسفة والأدب والفن والإبداع والابتكار، والذين يقاتلون من أجل القيم والأخلاق ومن أجل حياة أفضل للجميع.
النوع الثاني هم نخبة المال والسياسة.
أما النوع الثالث، فهو نخبة الترفيه بكل أشكاله (ممثلون، مغنون، مؤثرون...)، الذين يتمتعون بشهرة تتيح لهم فرض نمط حياتهم وإملاءه على الآخرين، مع أنهم لا يسعون بالضرورة إلى ذلك.
هذه الأنواع الثلاثة من النخب، نخبة المعرفة، نخبة المال، ونخبة الترفيه، تتعايش مع بعضها البعض منذ آلاف السنين، كما تشهد على ذلك النصوص القديمة، ولكن بطبيعة الحال تميزها مسألة السلطة والثروة، والتي تعد عوامل في غاية الأهمية لتحديد أهميتها. أحياناً تتداخل هذه النخب وتتشابك، حيث أن بعض الأشخاص ينتمون إلى أكثر من واحدة منها، غير أن هذه الازدواجية نادرة، لأن السلطة والشهرة قلما تلتقي مع المعرفة.
السلطة والمعرفة
على سبيل المثال، قليلون هم العلماء العظام، الكتاب، أو الفنانين الذين نالوا السلطة والثروة، وحتى عندما يحدث ذلك، فإنهم غالباً ما يكونون استثناءات، مثل بيكاسو، بيتهوفن، فرويد، ودا فينشي. هؤلاء نادراً ما يُمنحون وسائل التأثير على القرارات السياسية الكبرى، بل وحتى لو أصبح لديهم دور سياسي، فإنهم غالباً ما ينتهي بهم المطاف على الهامش.
الآلة والسلطة
أما فيما يخص نخبة المعرفة، فلا تسعى في الغالب للمال أو الشهرة، بل إلى إعطاء معنى للوجود والبحث عن حلول للمشكلات، كما تسعى لإيجاد معنى للحياة خارج إطار الاستهلاك البسيط والمادي. ومن هنا، فإن المجتمع الذي لا يحترم هذه النخب ولا يمنحهم الأهمية التي يستحقونها، يكون مهدداً بالتحول إلى دكتاتورية، حيث يتم تقدير نخب المال والسلطة والشهرة أكثر من نخبة المعرفة.
خطر التدهور
تراجع مكانة نخبة المعرفة هو خطر يهدد المجتمعات، خصوصاً في البلدان الغربية، حيث أن الديمقراطيات أصبحت تدريجياً متورطة في لعبة وسائل التواصل الاجتماعي والتلفاز التي تروج لنخب الترفيه والمال على حساب نخبة الفكر.
إذا لم تتحرك المجتمعات لمنح مكانة أكبر لنخبة المعرفة، فإنها تخاطر بأن تصبح مهددة بالانهيار تحت وطأة نخب المال والسلطة والترفيه.
Commentaires